تدريس العلوم بنظرة مختلفة

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تسمح بالقياس على عبارة القلم «إن أسوأ أساليب تدريس الأدب، تدريسُه كلغة وأدب»؟ فنقول: إن أسوأ أساليب تدريس العلوم، تدريسُها كعلوم. الخلطة السحريّة هي أن تضاف إلى المادة العلمية الفلسفة والتصوّف، حتى يصير الطلاب، ينهلون من عيون جارية صافية.
لا تظنّن أن المسألة مجرّد توابل لتحسين المذاق، فيغدو الطعام هنيئاً مريئاً. أنكى إخفاق لنظام التعليم، هو أن ينحبس الأستاذ في المقرّر فينقله كما تسلّمه، وكأنه ساعي بريد. حينئذ، أهلاً بالذكاء الاصطناعي لإلغاء هذه الوظيفة، إن كانت لا تحتاج إلى إبداع. غاليليو غاليلي أحدث ثورةً في تاريخ الفيزياء من خلال التجربة الذهنيّة، في هذا العلم، الذي وصفه أينشتاين بأنه «العلم الوحيد، والباقي كله تفاصيل». منذ أفلاطون وأرسطو، ظلّ الاعتقاد سائداً أن الجسم الأثقل يسقط أسرع. غاليلي أدرك أن الواقع المنظور يخدعنا وليس هو الحقيقة. تخيّل كرةً حديديةً وبالونةً منفوخةً. الحديدية ستسقط أسرع قطعاً. لكن، إذا ربطناهما بخيط، فإن وزنهما سيكون أثقل من الحديدية وحدها. المفاجأة: البالونة ستلعب دور مظلة ويكون السقوط أبطأ من الحديدية بمفردها.
عشرات الصوفيين، تحدثوا عن أن الواقع خادع؟ علماء البصريات يعلمون. عالم المعلوماتية فيه شواهد وشهود، فكل ما نرى من صور وأصوات على شاشة الحاسوب، إنما هي آحاد وأصفار. التجربة الذهنية المذكورة، أضفى عليها فيلسوف العلوم الفرنسي غاستون باشلار مزيداً من الغموض البليغ، قال: «الفيزياء، هي أن يفكّر المرء ضدّ عقله». لأن ما تراه في الواقع ليس الحقيقة. القاعدة هي أن: «كل الأجسام في الفراغ تسقط بسرعة واحدة». على المناهج العربية أن تجعل الدارسين يفكرون ويُجرون تجارب ذهنية. عليها الإسراع، لأن الذكاء الاصطناعي سيتولى قريباً بنفسه وضع المناهج الدراسية، لعدم ثقته في بطء تفكير التنميات المتعثرة.
الفيزيائيون في نظر القلم هم ورثة المتصوفين. قدماء عرفاء الهند مذهلون في اعتقادهم أن كل ما في العالم يتذبذب. وفي الفيزياء الحديثة: لكل شيء ترددات (فريكانس). قبل نظرية تكافؤ الكتلة والطاقة لدى أينشتاين: الطاقة تساوي حاصل ضرب الكتلة في مربع سرعة الصوت، قال جلال الدين الرومي: «ثمّة شمس كامنة في هذه الذرّة.. ولا بدّ أن تفغر تلك الذرّة فاها.. تغدو أجزاء الأرض ذرّةً ذرّةً.. كأنما هبّ من تحتها كمين». بعد قرون أخذ هذا المعنى الشاعر الصوفي الهندي بيدل دهلوي: «أيّ ذرّة ليس في حضنها شمس؟».
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: العلوم أحوج إلى الخيال من الشعر.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"