ضعفاء إفريقيا يزدادون بؤساً

00:46 صباحا
قراءة دقيقتين
كلمة الخليج

كثرت التحذيرات والنداءات التي تطلقها المؤسسات الدولية المعنية بتقديم المساعدات في الكثير من دول القارة الإفريقية، سواء كانت هذه المساعدات لفئات ضعيفة ومهمشة وفقيرة في دول تعاني ظروفاً اقتصادية حرجة أو لا تقوى على تلبية الحد الأدنى اللازم من الخدمات الأساسية، وربما يضاف إليها توفير الغذاء اللازم.
ويزداد الأمر صعوبة في تلك الدول التي تعاني اضطرابات داخلية، سواء في ظل تواصل النزاعات المسلحة، أو الاشتباكات العرقية. مثل هذه الظروف يترتب عليها حالات نزوح داخلي بالملايين، إضافة إلى أعداد كبيرة من اللاجئين في دول مجاورة.
في ظل هشاشة الأوضاع في الكثير من الدول الإفريقية، فإن ما تقوم به المؤسسات الدولية يعد عاملاً مهماً في الحفاظ على حياة هذه الفئات الضعيفة والمعدمة، والتي قد تُفاجأ بأعباء إضافية إذا اجتمع مع ما ذكر، حالات مناخية قاسية، وهذا بدوره يلقي مسؤولية أكبر على عاتق من يقدمون المساعدات لتلك الفئات.
ولكن في ظل الاقتطاعات الحادة من ميزانيات تلك المؤسسات على خلفية توجه أمريكي واضح بالنسبة للمساعدات التي كانت تضخها واشنطن في شرايين تلك المؤسسات، وفضلاً عن التوجه العالمي نحو المزيد من الإنفاق العسكري، تأثر بشكل سلبي عمل تلك المؤسسات الإنسانية وتوقفت أعمالها الإنسانية، علماً أنها كانت تشكو حتى قبل هذه التوجهات الحديثة من نقص في التمويل.
«خفض تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية يقوض أنظمة الرعاية الصحية في إفريقيا»، «برنامج الأغذية العالمي يعلق مساعداته لنحو 650 ألف امرأة وطفل في إثيوبيا لنقص التمويل»، «خفض التمويل يهدد الاستجابة لحالة الطوارئ الخاصة باللاجئين الكونغوليين الواصلين حديثاً إلى بوروندي».
هذه عينة من العناوين التي حملتها وكالات الأنباء خلال عشرة أيام فقط من شهر إبريل/ نيسان 2025. ومضامينها التفصيلية تشير إلى أوضاع تزداد صعوبة. وعلى سبيل المثال فإن العيادات الصحية قد أغلقت في واحدة من الولايات النيجيرية، حيث كان يتردد على تلك العيادات نحو 300 شخص يومياً. والأمر لا يرتبط فقط بمجرد التوقف عن توقيع الكشف على المراجعين، وإنما بتوزيع الأدوية المجانية، والأدوات التي تقي من مسببات الملاريا. وفي إثيوبيا هناك تحذيرات من حرمان حوالي 3.6 مليون نسمة من المساعدات الغذائية خلال أسابيع، من بينهم نحو مليوني سيدة وطفل. وفي بورندي فإن خفض التمويل لم يؤثر فقط في ما يقدم للاجئين خاصة الفئات الضعيفة منهم، وإنما امتد إلى التأثير السلبي في جهود تقفي أثر المفقودين.
من عجائب الوضع في القارة الإفريقية أنها غنية بالموارد الطبيعية، كما أنها في معظمها تضم مجتمعات شابة، ومع ذلك فإن الفقر يضرب الكثير من دولها، لدرجة أن أول عشر دول فقيرة في العالم تقع ضمن هذه القارة.
إذا كانت الشكوى تتصاعد من سوء الأحوال في إفريقيا في ظل تراجع التمويل الدولي، فإن الحاجة ماسة ليس فقط لتعويض هذا النقص، وإنما لضرورة وجود استراتيجيات وخطط وبرامج وسياسات يكون من شأنها معالجة الأسباب الجذرية لتلك المأساة الإفريقية. والمسؤولية كبيرة على عاتق المؤسسات الإقليمية، جنباً إلى جنب مع المؤسسات العالمية.


عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"