الغدر بالوسطاء

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين

لا يملّ بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، المراوغة في تعامله مع ملف الحرب في غزة. ولعل هذه المراوغة من أسباب استمرار هذا العنف الذي أصبح مداناً من كل المؤسسات الدولية المحذرة من تداعياته الإنسانية. وهي تداعيات لا تشغل بال بنيامين نتنياهو المصمم على إطالة وجوده السياسي والهروب من أيّ مساءلة متعلقة بما بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وما قبله.
لهذا، تبدو تحركات رئيس الوزراء الإسرائيلي مضطربة في ملف غزة، وتتبدل أهدافه منها التي انحصرت الآن في هدفين معلنين هما القضاء على حركة «حماس» واستعادة الرهائن لديها. وبفعل الاضطراب والمراوغة، أعلى، قبل أيام، الهدف الأول على الثاني، لكنه أمام غضب أسر الرهائن ساوى بين الهدفين في الأهمية وقال إنه يأمل في تحقيقها معاً.
هذا المسلك لم يستثنِ طرفاً يتعامل معه رئيس الوزراء الإسرائيلي في ملف غزة، وبرر له أن يضع تارة على لسان دول عربية ما لم تقله، أو مداراة رغبته في دوام الحرب في غزة والتهرب من اتفاق نهائي يوقفها بالغدر بالوسطاء في ملف التهدئة والادّعاء بمسؤوليتهم عن الفشل في مساعي وقف الصراع في القطاع، فضلاً عن سعيه بالوقيعة بين طرفين منهم.
عمد رئيس الوزراء الإسرائيلي أكثر من مرة إلى تشويه الوساطة المصرية والتنصّل من مسؤوليته عما يعانيه القطاع بالزعم أن الحل في تهجير الفلسطينيين منه، وأن مصر يجب أن تسمح بذلك. وتحدث نتنياهو مرة أخرى عن تهريب سلاح من مصر إلى غزة، وهو ما نفته وزارة الخارجية المصرية، محذرة من عواقب إطلاق مثل تلك التصريحات التي تزيد من تأزيم الموقف، وتستهدف تبرير السياسات العدوانية والتحريضية، والتي تؤدي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة.
وحاولت الحكومة الإسرائيلية الوقيعة بين مصر وقطر بادّعاء سعي الدوحة لتشويه دور القاهرة في ملف الوساطة بملف غزة أو الاستئثار بالجهد الرئيسي فيه. وبعد ذلك بأيام، كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يلتقي الشيخ تميم بن حمد، أمير قطر، في الدوحة وعلى طاولة مباحثاتهما التطورات في غزة.
وقبل يومين، جاء الدور على قطر التي حاول مكتب نتنياهو تشويه دورها في الوساطة واتهمها بما رفضته الخارجية القطرية ووصفته بتحريض يفتقر إلى أدنى مستويات المسؤولية الأخلاقية والسياسية.
ورغم أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يساند رئيس الوزراء الإسرائيلي بكل الأشكال، بل إن الأخير قال الشهر الماضي إنهما متفقان في جميع القضايا، فإنه لا يتورع عن ابتزازه هو الآخر، لكن هذه المرة بسبب السياسة الأمريكية في ملفّي سوريا وإيران.
نتنياهو الذي لم ينفذ طلب الرئيس الأمريكي السماح باستئناف إدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى غزة، يروج أنه محبط من تحركاته في الملفّين السوري والإيراني التي لا تترجم ما يقوله له في التعاملات الثنائية بينهما، بل يعتبر بعضها تنازلات لأنقرة وطهران.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"