عادي
تأكيداً للتسامح والنهج الوطني الراسخ في التماس الحياة الكريمة للجميع

الإمارات تحتضن السودانيين وتوثق العلاقة بين الشعبين الشقيقين

01:13 صباحا
قراءة 4 دقائق

كتب: المحرر السياسي

إذا كنت ممن يعيشون في الإمارات العربية المتحدة فستلحظ أن السمت السوداني السمح والطيب والباسم رغم المرارات في الوطن قد زاد تواجده في الشوارع والحدائق والمتنزهات وأماكن التسوق، وفي المصالح الحكومية والشركات الخاصة. وما كان ذلك ليحدث لولا أن الإمارات قد استمرت في فتح أبوابها أمام السودانيين منذ ابتلي الوطن بتلك الحرب اللعينة، حيث وجدوا في الإمارات حضناً دافئاً مرحباً وميسراً.

السودانيون المقيمون في الإمارات قبل اندلاع الحرب، وبعضهم لسنوات طويلة تمتد لعقود، إذ إن بعض الأسر تجد منها أكثر من جيل، الجد والجدة والأبناء والأحفاد، حيث قدم الجد باحثاً عن سبل عيش كريم، فسارت حياته في الإمارات على ما يرام، وتعلم أبناؤه، وبعد التعليم وجدوا فرص عمل مناسبة، ثم كونوا أسراً جديدة.
عندما اندلعت الحرب لم تهتز هذه الطمأنينة، بل إنها قد زادت في ظل التقدير الإماراتي لخطورة الأوضاع، وتداعيات الظروف التي قد تحول دون عودة أولئك الذين كانوا في إجازات في المواعيد المحددة، ناهيك عن فتح الباب أمام أعداد جديدة من السودانيين للقدوم إلى الإمارات سواء بحثاً عن عمل أو للإقامة مع أبنائهم الذين يعملون في الإمارات هرباً من جحيم الحرب وويلاتها.
وإذا كان السودانيون المقيمون في الإمارات قد عبروا في أكثر من مناسبة وعبر منابر عدة عن هذا الكرم الإماراتي في هذه الظروف الصعبة، فإن الجانب الإماراتي قد اعتبر أن ذلك جزء من التزامه الأصيل تجاه الأشقاء، ولعل كلمات الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش منذ أيام خير تعبير عن ذلك حيث اعتبر مهرجان بوابة السودان الذي استضافته مدينة إكسبو في دبي «هو في وافع الأمر مهرجان للمحبة الأصيلة، والأخوة الصادقة، واحتفال بما نحمله من تقدير خاص لشعب السودان الشقيق، ولروحه في حب الخير للجميع. نحتفي فيه معاً، بشعب السودان العظيم، الذي يقف اليوم، قوياً وشامخاً، حريصاً على تحقيق وحدته الوطنية رغم كل المشكلات. نحتفي فيه أيضاً بأبناء وبنات السودان، المقيمين معنا في الإمارات، وبإسهاماتهم المهمة في نهضة وتقدم هذه الدولة العزيزة. وبدورهم المرموق في أن يكونوا دوماً قناة تواصل فعالة، تدعم العلاقات القوية بين شعبي البلدين الشقيقين».
هذه الكلمات التي لا تحتاج إلى شرح مضامينها نظراً لوضوحها التام تزيد من طمأنينة السودانيين على هذه الأرض الطيبة، خاصة أنها ليست مجرد كلمات، وإنما هي تعبير عن قيم راسخة تحكم نهجاً إماراتياً واضحاً.

إعفاءات وتسهيلات


بعد مرور أيام من اندلاع النزاع المسلح في السودان بادرت الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية بالإعلان عن إعفاءات من غرامات قانون الإقامة للرعايا السودانيين، ويأتي ذلك انطلاقاً من «توجهات دولة الإمارات وقيمها الإنسانية النبيلة وحرص قيادتها الحكيمة في التماس الحياة الكريمة للمقيمين من رعايا الجالية السودانية المتواجدة في الدولة، ومراعاة للأوضاع الإنسانية الطارئة في ضوء التداعيات والاضطرابات الناجمة وما يلحق بها من تحديات تتصل بحياة الأفراد»
هذه الإعفاءات شملت كل حملة التأشيرات وتصاريح الإقامة المنتهية لمن انتهت عقود عملهم في الدولة ومن في حكمهم، وكذلك من انتهت مهلة مغادرتهم الدولة. والأمر لا يقف عند مجرد الإعفاء من الغرامات وإنما ارتبط بهذا الإعفاء السماح بـ «تمديد التأشيرات أو تجديد الإقامات أو مغادرة الدولة، وذلك وفقاً للأحوال، واستناداً للشروط والضوابط النافذة في هذا الشأن».
ولا شك في أن ذلك يعكس حرصاً إماراتياً «على توفيق أوضاع الإخوة السودانيين المتواجدين في الدولة لضمان الحياة المستقرة لهم، ومراعاة الأبعاد والظروف الإنسانية التي تمر بها بلادهم». وفي حينه لم يقف أمر تقدير هذا الصنيع الإماراتي على المقيمين السودانيين، وإنما كان هناك شكر وتقدير له من جانب سفارة السودان في الدولة.
ولأن مبادرات الإمارات وتيسيراتها وإعفاءاتها تعم الجميع فإنها قد بادرت إلى منح فرصة لكل المخالفين في الدولة العام الماضي، ولمدة شهرين من أجل توفيق أوضاعهم ودون غرامات، بما في ذلك أولئك الذين اختاروا البقاء في الدولة. ولا شك أن الكثير من السودانيين قد استفادوا من هذه المبادرة كغيرهم من المقيمين على أرض الإمارات.

حبل موصول مع الوطن


الكثير من السودانيين الذين يعيشون في الإمارات لم يجدوا بداً من العمل على إحضار أهلهم إلى الإمارات لكي ينعموا بالحياة الكريمة بعيداً عن ظروف النزوح واللجوء القاسية جداً. وقد أدى ذلك إلى شعور المقيمين الذين تمكنوا من إحضار أهاليهم بالاطمئنان على أفراد عائلاتهم الذين باتت تجمعهم بهم سقوف بيوت واحدة يلفها الدفء الأسري، كما أن الأهل قد بدأوا يشعرون بالأمن الذي افتقدوه في السودان، خاصة أن بعضهم قد اضطر للنزوح أكثر من مرة في ظل ظروف بالغة الصعوبة أثرت في نفسياتهم. وتزداد صعوبة هذه المحن إذا كان هؤلاء الأهل قد فقدوا بعضاً ممن جمعتهم بهم حياة طويلة من الأزواج والإخوة أو حتى الأبناء، وكذلك الجيران في ظروف الحرب تلك.
في ظل اطمئنان المقيمين من الأشقاء السودانيين في الإمارات على مصادر أرزاقهم، وفي ظل حصول المزيد منهم على فرص عمل في الإمارات فإن ذلك يعني مقدرة من لم يستطع إحضار أهله على إرسال ما يعينهم على تلك الظروف الصعبة. وهكذا فإن الإمارات كانت على عهدها ونهجها وقيمها الإنسانية محافظة على وشائج رسخت مع التاريخ مع الشعب السوداني الشقيق.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"