عادي

«عين تصطاد اللحظة».. سرد بصري من قلب الصحراء

20:11 مساء
قراءة دقيقتين
كريم صاحب والكتاب


قبل أكثر من عشرين عاماً، حمل المصور العراقي العالمي كريم صاحب كاميرته، وخرج يجوب الأرض باحثاً عن لحظة تستحق أن تُخلّد. تنقل بين الصحارى والمدن، بين ساحات الحرب ومهرجانات الفرح، ليصطاد ما يزيد على عشرات الآلاف من الصور. وبعد رحلة طويلة، قدّم صاحب خلاصة تجربته في كتاب واحد؛ «عين تصطاد اللحظة»، الذي أطلقه مركز أبوظبي للغة العربية ضمن مشروع «إصدارات» وسلسلة «رواد بيننا».
وأثناء حفل توقيع الكتاب، الذي تضمن 400 صورة نشرتها كبريات وسائل الإعلام، ووُثّقت في أرشيف «الأمم المتحدة»، قال صاحب: «للمرة الأولى تظهر صوري مرفقة بشروحات مكتوبة باللغة العربية، بعد أن نشرت بشروحات إنجليزية وفرنسية وإسبانية... وكأنها عادت إلى حضنها الأم». العبارة لم تكن مجازاً، بل تلخّص عاطفة امتدت من عدسة إلى ذاكرة، ومن ورق إلى وجدان.
الغلاف وحده يستحق التوقف؛ فالصورة التُقطت بعد أسبوع كامل من الرصد والترقب قضاه صاحب في صحراء ليوا في دولة الإمارات، حتى قبض على لحظة الضوء المثالية، موثّقاً جمال البيئة الطبيعية الأخاذ في صحراء الربع الخالي، ومانحاً العالم لقطة خالدة صارت علامة مسجلة للإمارات.
ويمتد السرد البصري للكتاب بين العامين 2005 و2025، ويشمل مشاهد من المقناص، والمهرجانات، والأبنية، والأحداث الرياضية. لكنه لا يكتفي بالتوثيق؛ فكل صورة تروي جزءاً من حكاية، وتكشف عن رؤية صاحب في اقتناص المشهد. يقول: «الصورة ليست مجرد إطار، بل نصّ صامت يحمل معنى». ويزيد: «الإنسان هو القيمة العليا في الصورة، ولا يمكن أن يكون بطلها من دون موافقته»، مؤكداً أن توثيق لحظات الضعف، خاصة في الحروب، مسؤولية أخلاقية لا يمكن التهاون فيها.
صاحب، الذي لُقّب في العراق بـ«صائد الجوائز»، يؤمن بأن الصورة يجب أن تكون جميلة وهادفة في آنٍ واحد، تحمل قضية، وتُلقي الضوء على المعنى، سواء كانت تلك التفاصيل في شارع مزدحم أو في كثبان رملية جرداء.
وعن خلفيته الأكاديمية، قال: «درست الفن في أكاديمية روما الإيطالية، ثم في جامعة السوربون الفرنسية، وتعلمت كيف أحمّل الصورة رسالة يفهمها الصيني، والأمريكي، والياباني، من دون ترجمة».
وعمل صاحب في وكالة الصحافة الفرنسية لسنوات، ووثّق بكاميرته وجوه الحرب والسلام. صوّر العراق، ولبنان، وأفغانستان، لكنه لم يتخلَّ عن شغفه بالجمال حتى في لحظات الانكسار، مظهراً توازناً دقيقاً بين الضوء والظل؛ إلا أن لصاحب علاقة خاصة ربطته بدولة الإمارات، التقط فيها صوراً مدهشة وُضعت على قائمة الأفضل في العالم؛ إذ تمكّن الرجل من فهم التوازنات غير المرئية بين أصالة الماضي واستشراف المستقبل التي تقف وراء استثنائية الدولة، محتفياً، عبر لقطات حظيت بأصداء عالمية، ببيئاتها المتنوعة ولا سيما صحراء ليوا في أبوظبي.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"