تبادلت الهند وباكستان، السبت، الاتهامات بانتهاك وقف لإطلاق النار بعد بضع ساعات على إعلان التوصل إليه بعد ضغوط وجهود دبلوماسية أمريكية لوقف الصراع الذي بدا متصاعداً على نحو مثير للقلق.
وصرح سكرتير وزارة الخارجية الهندي فيكرام ميسري لصحفيين «سجلت في الساعات الأخيرة انتهاكات متكررة» للاتفاق، مؤكداً أن «القوات المسلحة ردت في شكل ملائم على هذه الانتهاكات».
وتابع: «نطلب من باكستان اتخاذ الإجراءات المناسبة للرد على هذه الانتهاكات والتعامل مع الوضع بجدية ومسؤولية»، وردت باكستان بتأكيد «التزامها تنفيذ» وقف إطلاق النار.
وقالت وزارة خارجية باكستان إن القوات المسلحة الباكستانية «تتعامل مع الوضع بمسؤولية وضبط للنفس»، متهمة الهند بأنها ارتكبت انتهاكات لوقف النار.
وأضاف البيان: «نعتقد أن أي قضية مرتبطة بتنفيذ دقيق لوقف إطلاق النار ينبغي تناولها عبر التواصل بواسطة قنوات مناسبة. وعلى القوات على الأرض أن تظهر بدورها ضبطاً للنفس».
وسمع دوي انفجارات قوية في سريناغار، كبرى مدن كشمير الهندية (شمال غرب)، وفق ما نقل صحفيون في فرانس برس، لافتين إلى تدخل أنظمة الدفاع الجوي.
وفي الشطر الباكستاني من كشمير، أفاد مسؤولان فرانس برس بـ«تبادل متقطع للنيران بين القوات الباكستانية والهندية في ثلاثة أماكن على طول خط المراقبة».
ومنذ، الأربعاء، تبادلت الدولتان الجارتان قصفاً مدفعياً وهجمات بمسيّرات وصواريخ، الأمر الذي أثار مخاوف من وصول الأمور إلى حرب شاملة بين القوتين النوويتين ودفع العديد من العواصم الأجنبية إلى الدعوة إلى ضبط النفس.
وساطة أمريكية
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن، السبت، على نحو مفاجئ في منشور عبر منصته تروث سوشال أنه «بعد ليلة طويلة من المحادثات التي توسّطت فيها الولايات المتحدة، يسعدني أن أُعلن أن الهند وباكستان اتفقتا على وقف إطلاق نار شامل وفوري»، مشيداً بالبلدين «للجوئهما إلى المنطق السليم والذكاء العظيم».
وأكد وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار عبر إكس، أن إسلام آباد ونيودلهي وافقتا على «وقف إطلاق نار بمفعول فوري».
وفي تأكيد هندي، أوضح مصدر حكومي في نيودلهي أنه تم التوصل إلى الاتفاق بعد تفاوض مباشر بين الهند وباكستان، مشيراً إلى أن البلدَين الجارين لم يخططا لمناقشة أي شيء آخر غير وقف إطلاق النار.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن الاتفاق جاء بعد مفاوضات مكثّفة أجراها هو ونائب الرئيس جاي دي فانس مع رئيسي الوزراء الهندي ناريندرا مودي والباكستاني شهباز شريف ومسؤولين كبار آخرين.
وقال عبر إكس: «يسعدني أن أعلن أن حكومتي الهند وباكستان، اتفقتا على وقف فوري لإطلاق النار وبدء محادثات بشأن مجموعة واسعة من القضايا في مكان محايد».
وأشادت عواصم غربية بالاتفاق، ووصفته لندن بـ «المرحب به جداً»، وباريس بأنه «اختيار المسؤولية»، وبرلين بـ «خطوة أولى مهمة».
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن أمله أن يؤدي وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان إلى «سلام دائم».
وأكدت الصين أنها لا تزال «عازمة على مواصلة أداء دور بناء» في هذه العملية، مبدية في الوقت نفسه قلقها حيال أي تصعيد للنزاع كونها تتقاسم حدوداً مع البلدين.
وأعرب وزير الخارجية الصيني وانغ يي، السبت، عن أمله في أن يلتزم الطرفان «الهدوء وضبط النفس ويتجنبا تصعيد الوضع».
«انتقمت للقتلى الأبرياء»
وساد الارتياح على جانبي الحدود في كشمير بعد إعلان وقف إطلاق النار.
ففي الجانب الباكستاني، قال رجل الأعمال عمران مير (30 عاماً) إن وقف الأعمال الحربية «مرحب به»، مضيفاً لفرانس برس: «نقيم على خط تماس، وفي كل نزاع نحن أكثر من يعاني».
وفي الجانب الهندي، رحب رئيس الحكومة المحلية عمر عبدالله بالخير الجيد، وقال: «سنتمكن الآن من أن ننظم في شكل أفضل إيصال الإمدادات ومعالجة الجرحى».
وبدأ الأمر في 22 نيسان/إبريل عندما شهد الشطر الهندي من كشمير هجوماً نفذه مسلّحون قتلوا خلاله 26 شخصاً في موقع سياحي.
واتّهمت الهند جماعة «عسكر طيبة»، المنظمة التي تصنّفها الأمم المتحدة إرهابية وتتخذ من باكستان مقراً، بتنفيذ الهجوم، لكن إسلام آباد نفت أي علاقة لها بالهجوم ودعت إلى تحقيق مستقل.
وفي أعقاب عقوبات وتهديدات، بدأت الدولتان، الأربعاء، أسوأ مواجهة عسكرية بينهما منذ عقود.
وفي اليوم المذكور، نفذت الهند ضربات على العديد من المدن الباكستانية، مؤكدة أنها دمّرت فيها «معسكرات إرهابية»، الأمر الذي أثار دوامة من الهجمات والهجمات المضادة.
وصباح السبت، أعلنت باكستان أنها شنّت هجمات مضادة على الهند عقب تعرّض ثلاث من قواعدها الجوية لضربات خلال الليل، وتقع إحدى هذه القواعد بالقرب من إسلام آباد.
وأكد رئيس الحكومة الباكستانية أن من خلال هذه العملية «قدّمت باكستان رداً مناسباً للهند وانتقمت للقتلى الأبرياء»، الأمر الذي كان قد تعهّد به في خطاب إلى الأمة، الأربعاء.
من جانبها، أكدت الهند أنها تعرّضت لسلسلة هجمات، خصوصاً بمسيّرات، على أهداف عسكرية في جميع أنحاء الجزء الشمالي الشرقي من أراضيها.
بحسب الحصيلة الرسمية الصادرة عن الجانبين، أدت أعمال العنف إلى مقتل حوالى 60 مدنياً منذ، الأربعاء.
وتسبّبت حالة الحرب هذه بحركة نزوح كبيرة على جانبي «خط المراقبة» الذي يفصل منطقة كشمير المتنازع عليها بين الدولتين.
وبعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، أعادت باكستان فتح مجالها الجوي بينما بقي 32 مطاراً في الجزء الشمالي الغربي من الهند مغلقاً.