على خطى البابا فرنسيس

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

شكل انتخاب الكاردينال روبرت فرنسيس بريفورست (69 عاماً) الذي حمل اسم ليو الرابع عشر نقلة نوعية في مسار انتخاب بابا الكنيسة الكاثوليكية، إذ إنه أول أمريكي يتولى هذا المنصب في تاريخ الفاتيكان، ويعدّ امتداداً للبابا الراحل فرنسيس من حيث مواقفه الداعية لبناء الجسور والسلام والتزامه بالقضايا المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، والوقوف مع المهمّشين والضعفاء والمهجرين. وفي أول ظهور له بعد انتخابه، خاطب الحشد الموجود أمام كنيسة القديس بطرس بالإيطالية: «السلام عليكم جميعاً»، كما تحدث بالإسبانية، ولم يتحدث بالإنجليزية، رغم أنه أمريكي من شيكاغو، وهو يتقن أيضاً الفرنسية والبرتغالية والألمانية، ما يسهّل تواصله مع رجال الدين الكاثوليك من مختلف الدول.
وقد تم استقبال انتخاب البابا الجديد بتفاؤل وترحيب من مختلف دول العالم باعتباره نموذجاً للزعيم الديني الذي يمثل خطاً تقدمياً للكاثوليكية الذي كرسه البابا فرنسيس، من خلال انفتاحه على الأديان الأخرى ودعمه للقضايا العادلة، ودعوته المستمرة للسلام والحوار. ولعل من أبرز إنجازاته توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» في أبوظبي عام 2019 مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وهي الوثيقة التي تدعو للحوار والتعاون والانفتاح بين أتباع الديانات المختلفة، وتكريس التسامح والمحبة، ما يجعلها دستوراً عالمياً جديداً يرسم خريطة جديدة للبشرية، وتعبّر عن آمال المليارات من البشر بالسلام، ولذلك اعتمدت الأمم المتحدة قراراً بالإجماع باعتبار يوم 4 فبراير/شباط، «اليوم العالمي للأخوة الإنسانية»، ضمن مبادرة قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والسعودية والبحرين.
ولأن دولة الإمارات كانت الراعية والمقر الذي خرجت منه «وثيقة الأخوة الإنسانية»، فقد كانت قيادتها أول من رحب بانتخاب البابا الجديد، إذ بعث إليه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ببرقية تهنئة، كما بعث صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ببرقية مماثلة. كما كتب صاحب السموّ رئيس الدولة عبر حسابه على منصة «إكس»: «أهنئ قداسة البابا ليو الرابع عشر بانتخابه بابا للكنيسة الكاثوليكية، وأتمنى لقداسته التوفيق في مهامه ومسؤولياته المقبلة من أجل تعزيز قيم التعايش والحوار بين أصحاب مختلف الأديان والمعتقدات لما فيه الخير والسلام والازدهار للبشرية جمعاء». كما هنأ شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب البابا ليو الرابع عشر، معرباً عن أمله في «استكمال العمل مع قداسته لترسيخ الحوار بين الأديان، وتعزيز قيم الأخوة الإنسانية من أجل نشر السلام العالمي، والتعايش المشترك، ومستقبل أفضل للبشرية».
وفيما العالم أعلن ترحيبه بانتخاب البابا الأمريكي الذي يمثل 1.4 مليار كاثوليكي، إلا أن علاقاته مع الإدارة الأمريكية الحالية قد لا تأخذ منحى إيجابياً، ووفقاً لموقع «بوليتكو»، فإن البابا يمثل «تحدياً سياسياً مباشراً» للرئيس الأمريكي ترامب، نظراً لاختلاف رؤيتهما للعالم، وعلى الرغم من أن ترامب رحب بانتخابه، فإن خلفية البابا التقدمية، ودعوته لبناء الجسور والسلام مع العالم، تضعه في مسار تصادمي محتمل مع نهج «أمريكا أولاً».
ما يهم الآن، أن هناك قيادة دينية جديدة في الفاتيكان معقود الأمل عليها بالمضي على نهج البابا فرنسيس من أجل ترسيخ قيم التسامح والحوار لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"