عند الحديث عن التطور التقني، ودخولنا حقبة الذكاء الاصطناعي، يتم التركيز في العادة على الجوانب المتعلقة بالأجهزة، وصناعات النقل، مثل السيارات والطائرات، أو على الصناعات المتعلقة بالخدمات مثل الجسور والآليات، والأدوات ونحوها، لكن لا يتم الحديث عن صناعة الغذاء في ظل هذه التقنية، بشكل موسع، ولا عن أثر الذكاء الاصطناعي، وهل هذا الدخول كان إيجابياً أم سلبياً.
صناعة الغذاء، مثلها مثل أي مرفق صناعي آخر، تأثرت بشكل بالغ وكبير، بفعل التطور التقني، وشهدنا دخول الذكاء الاصطناعي كأداة قوية أسهمت في تطور سلسلة الإنتاج الغذائي، حيث بتنا نرى خطوط الإنتاج المؤتمتة، وتحليلاً قوياً للبيانات أدى لتنبؤات بتوجهات المستهلكين. وكان الذكاء الاصطناعي في قلب هذه الصناعة الحيوية المهمة، لأنه بواسطة الذكاء الاصطناعي شهدنا ظهور ما يعرف بالزراعة الذكية التي تعتمد على البيانات باستخدام أجهزة استشعار وإنترنت الأشياء، حيث تتم مراقبة التربة، ومستوى الرطوبة، وغيرها من البيانات والمعلومات، فيقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل البيانات، وعلى ضوء النتائج يعطي الأوقات المناسبة للزراعة، أو أوقات الحصاد، وهذا، دون شك، يقلل الهدر، ويزيد الإنتاج، ويحافظ على الموارد.
نعلم جميعنا أن هناك روبوتات تقوم الآن بتعبئة المنتجات بسرعة ودقة تتجاوز اليد البشرية، ليس هذا فحسب، بل قادرة أيضاً على التتبع الكامل لكل مرحلة، وهذا، دون شك، يمنع التلوث، أو الأخطاء عند المعالجة، بل إن الذكاء الاصطناعي، يتمكن من التنبؤ باحتمالات فساد المنتج، والكشف المبكر عن التلوث الجرثومي أو الكيميائي بأنظمة رؤية حاسوبية وتحليل الطيف. ومع هذا، لا يمكن القول بأن الغذاء بات أكثر صحة، صحيح أن التقنية وفرت الأدوات لتحسين جودة الغذاء، مثل إنتاج الأغذية العضوية، واستخدام بدائل صحية للدهون والسكر، وتقليل الهدر الغذائي، لكن أيضاً ظهرت مخاوف في محلها تتعلق بالإضافات الكيميائية التي تستهدف تحسين النكهة أو تطويل مدة الصلاحية، وهذه قد تسبب آثاراً سلبية على صحة الإنسان. ولا ننسى تصنيع الأغذية المعالجة، التي غالباً تكون غنية بالسكريات والدهون، وقليلة في قيمتها الغذائية.
يجب ألا ننسى أن الشركات تقوم على الربحية وتحقيق المكسب المادي، والذكاء الاصطناعي استُخدم لتقليل الكلفة، وزيادة الإنتاج، وليس بالضرورة أن من الأهداف تحسين صحة الإنسان.
وتبقى للرقابة على الغذاء، الكلمة العليا، ومعها يجب أن تتطور أجهزتها ودقة المتابعة والإشراف على جميع مصانع إنتاج الغذاء، وأن تخضع للشروط والقوانين المشرعة التي تستهدف صحة الناس وسلامتهم.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
