التعليم بين الحكومي والخاص

00:53 صباحا
قراءة دقيقتين

اعتماد حكومة الإمارات مادة «الذكاء الاصطناعي» لتدريسها ضمن المناهج الدراسية في جميع مراحل التعليم الحكومي، من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر، بدءاً من العام الدراسي القادم، خطوةٌ لا يختلف على ريادتها اثنان، وجدواها لطلبة المدارس، ولمستقبلهم بشكل عام.
مسألة «الذكاء الاصطناعي»، لم تعد خياراً أو ترفاً قد يحتاج إليه الإنسان أو لا يحتاج إليه، بل هو نهج حياة يتطور ويتبدل حتى أصبح واقعاً لا مفر منه على الإطلاق.
قد يكون قرار اعتماده كمنهاج أمرٌ يخص القطاع التعليمي، لكن الأمر بالتأكيد لن يقف عند هذا الحد، فالذكاء الاصطناعي، دخل في منظومة حياتنا بأكملها بدءاً من الهاتف، وجميع تفاصيل حياتنا، وجميع القطاعات التي نتعامل معها من بنوك وشركات ومطاعم، وسيصبح من لا يوكب هذا التوجه العالمي، متأخراً كثيراً وسينعكس ذلك على مسألة انخراطه في الحياة والعمل من بعد.
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حين أعلن هذه الخطوة، يدرك تماماً أهميتها وجدواها، حين قال: «هدفنا تعليم أطفالنا وأجيالنا الفهم العميق للذكاء الاصطناعي من الناحية الفنية، وترسيخ وعيهم أيضاً بأخلاقيات هذه التكنولوجيا الجديدة، وكيفية ارتباطه بالمجتمع والحياة».
اللافت في هذه الخطوة أن الحكومة ومن منطلق رؤيتها تمضي في تطوير منظومة تعلميها بشكل جليّ، في حين أن لا منظومة جامعة للتعليم في القطاع الخاص في الدولة، وتبقى كل مدرسة في كل إمارة حرة في رهن التعاطي مع الأمر، ما قد يفوّت على الكثير من الأجيال المنخرطين في التعليم الخاص فرصة دراسة هذا المنهاج من الصغر، والتعوّد على الذكاء الاصطناعي، وتبعياته بكل شكل وجيل.
وزارة التربية والتعليم لو دخلت على مجال الاستثمار في التعليم، ومن منطلق بنيتها وقدراتها وإمكانياتها المالية، فإنها بالتأكيد ستكون منافساً قوياً للقطاع الخاص، وستنجح في إزاحة المدارس الضعيفة التي لا يرتقي تعليمها للمستوى المأمول، وستجد الوزارة فيما لو استثمرت في هذا القطاع وضمن نهجها الواعي والمدروس لتحديات المستقبل أنها بيئة جاذبة لعشرات آلاف الطلبة الذين سيهجرون التعليم الخاص ويعودون إلى حضن الحكومي.
التعليم في الحكومة ما زال رهن قرار تتخذه الحكومة، والأمر بالطبع لا ينسحب على مدارس القطاع الخاص، لأن لا مظلة واحدة جامعة لها، سوى الهيئة المحلية المصدرة للترخيص في كل إمارة، ولكن إزاء هذه الفوارق ومع التوجّه الجديد الذي يبدو أن الحكومة ستنتهجه، فإن الأمر يحتاج إلى وقفة تأمل سواء بالأخذ بيد المدارس الخاصة في بعض القضايا التعليمية، أو أن تعود الحكومة لتستثمر بالتعليم.
[email protected]

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"