تُكمّل مبادرة «القراءة للمتعة» التي انطلقت في دبي في العام 2023، دورة ثقافة القراءة في الإمارات، الثقافة المجتمعية المحلية التي تشكل اليوم ظاهرة إماراتية بامتياز، وفي إطار مبادرة أكبر هي عشرية القراءة التي تنتهي في 2026، بعد عقد كامل من الأنشطة القرائية، بدأت بانتظام منذ العام 2016.
انعقدت الدورة الثانية لمؤتمر «القراءة للمتعة»، في رحاب جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، ونظمتها مؤسسة الإمارات للآداب، وجمعت الدورة نخباً عربية وأجنبية من الخبراء الذين لهم صلة بالتعليم وآفاقه الجديدة في العالم.
الموضوعات المطروحة للنقاش في دورة «القراءة للمتعة»، ذات طابع معاصر، أو الأصح أنها موضوعات الساعة الثقافية في العالم، إن جازت العبارة، مثل: ملف الذكاء الاصطناعي الذي يتجاوز محدودية الملف إلى وضع ثقافي عالمي جديد يضع موضوع الذكاء الاصطناعي، وفي مقابله الذكاء البشري، في مواجهة تصل حدود التحدّي. وهي قضية متشعّبة لن نغرق في تفاصيلها الآن أمام الأمر المهم وهو القراءة.
جاءت مبادرة «القراءة للمتعة» بعد المشروع العربي الكبير «تحدّي القراءة العربي» الذي انطلق من دبي في نسخته الأولى عام 2015، واستقطب الملايين من القرّاء الشباب في الوطن العربي، أو الحقيقة أنه استقطب حتى قرّاء العربية ممن هم غير ناطقين بها، فأصبحت العربية كلغة مقروءة في موازاة اللغات الأم التي يقرأ بها غير العرب.
«القراءة للمتعة» تأتي في هذا السياق، أي سياق ثقافة اللغة العربية وتاريخها ومكانتها الأدبية والوجودية، مكانة الهوية والشخصية والكينونة العربية في العالم.
إن كل مبادرة قراءة في الإمارات هي خدمة ثقافية مباشرة للغة العربية، لغة القرآن الكريم، ولغة الشعر «ديوان العرب»، ولغة الثقافة والتاريخ والفكر والفنون.
«القراءة للمتعة» أيضاً إذا أردنا تأمل المعنى الداخلي لهذه العبارة الموجزة الدّالة تعني المتعة العقلية، ومتعة الرّوح، والمتعة الذهنية، والمتعة الفكرية، والمتعة الأدبية، والمتعة العلمية أيضاً ولعلّها واحدة من أهم متع القراءة حين نعرف أن فلاسفة المسلمين الكبار، والفلكيين، وعلماء الرياضيات، والموسيقى والبصريات والجغرافيين والرحّالة، كان الكثير منهم، إن لم يكن كلهم، شعراء. وعندما نقول شعراء فإن هذا الوصف يحيل إلى اللغة، فهؤلاء العلماء كانوا لغويين أيضاً، وقراءة العلوم بلغة الأدب هي فعلاً متعة.
«القراءة للمتعة» بالعربية أو بأي لغة في العالم تعني أيضاً القراءة الجمالية، القراءة من أجل القراءة، القراءة من أجل الحياة، وليس القراءة من أجل أيديولوجية في حدّ ذاتها، ليس من أجل هدف تعبوي توجيهي دعائي، وليس من أجل فكر أحادي متعصّب أو مُغلق.
وضع بشري حضاري جميل أن تتمتع بالمعرفة التي تختارها أنت وحدك، أيها الكائن المدني الحرّ المستقل.
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







