كما هو ماثل في واقعنا الحياتي، فإن التقنيات الحديثة، خاصة الذكاء الاصطناعي، دخلت في كثير من جوانب حياتنا المعاصرة، ودفعت نحو تطورات غير مسبوقة، لكن هناك حقلاً مهماً للحياة البشرية، وله أثر بالغ في صحة وسلامة الإنسان، وهي الزراعة التي تعاني مشكلات كبيرة، وحين يمكنك الاستماع لمزارع ما، ستجد لديه قائمة طويلة من المعاناة، والمشكلات التي تحتاج إلى حلول جذرية.
كوكبنا الجميل بأسره يعاني مشكلات بيئية، مثل التصحر، وتقلص المساحات الخضراء، ويصبح هناك يوماً وراء الآخر ضغط على موارد المياه، فضلاً عن تناقص المساحات الزراعية، وتراجع خصوبة التربة.
ولكم أن تتخيلوا أن الذكاء الاصطناعي يمتلك قدرات هائلة لمعالجة مثل هذا الخلل البالغ، والموجود في مختلف أرجاء العالم، فهو قادر على تحليل البيانات الزراعية مهما بلغ حجمها، وأقصد بالبيانات الزراعية، مثلاً: الطقس، والتربة، والمياه، والمحاصيل، والآفات... إلخ. وعلى ضوء قدرات التحليل، يمكن إصدار القرارات الدقيقة في الوقت المناسب.
على سبيل المثال، الذكاء الاصطناعي يستطيع استخدام خوارزميات لاستشعار الأرض، لتحديد حجم المعادن والمواد العضوية في التربة، ومن ثم يستطيع تحديد مواقع الضعف، لإضافة محاليل مغذية، أو محسنات عضوية، أو نحوها من الحلول.
ليس هذا وحسب، بل بواسطة الأقمار الصناعية، وتحليل الصور، يستطيع الذكاء الاصطناعي رسم خرائط مفصلة بالتصحر، ومعدلات تدهور الأراضي، ثم يضع خطط زراعة الأشجار، والنباتات المقاومة للجفاف، كخطوة نحو إعادة تأهيل الأرض للزراعة. حتى تقنية الري التي تستهدف تقليل الهدر المائي، يقوم بها الذكاء الاصطناعي.
وهناك الكثير من القدرات للذكاء الاصطناعي التي تمكنّه من المساهمة في تطور الإنتاج الغذائي للناس، مثل استصلاح الأراضي القاحلة الذي بات ممكناً، والقدرة على توفير المياه، بل إن إنتاج الغذاء من الصحاري حلم يتحول تدريجياً لواقع.
لكن التحدي الحقيقي، في كل مكان، في تسخير الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، وليس انتقائياً، لتقديم هذه الخدمات، وأقصد توجيه التقنيات المتطورة نحو استصلاح الأراضي، وتطويرها، وتحويل مواقع التصحر والجفاف، لتصبح مواقع زراعية تخدم الإنسان وتقدم له الغذاء الصحي.
وأعتقد أن على الحكومات، في مختلف أرجاء العالم، الاهتمام بهذا الملف الحيوي، ومنحه الرعاية، وتوظيف الذكاء الاصطناعي، ومنتجاته للعمل في هذا المجال المهم لكل إنسان، بشكل آني ومستقبلي.
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







