نظَّم بيت الشعر في الشارقة، أمسية شارك فيها كل من: حسن النجار من الإمارات، وليد عبد الحفيظ من مصر وعبد الله العبد من سوريا وقدمتها وئام المسالمة، وحضرها الشاعر محمد عبد الله البريكي، مدير البيت.
افتتح القراءات الشاعر حسن النجار، الذي تغنت قصائده بالحزن على نايٍ يئن من الوجد والشجن، فقد قرأ من قصيدة «فصول مزهرات» التي جالت في فيافي الحروف ومواسم الأمنيات:
تسامى باسقاً، وازدانَ فيئا
وأثمرَ في رياضِ العمرِ ضوءا
وأوغلَ في فيافي المجدِ سعيًا
ومرتحِلاً كأنَّ الروحَ ظمأى
لإشراقٍ يجدُّ، وكلُّ دربٍ
يلوحُ لَهُ سيستهويهِ بدءا
وفي كل المواسمِ أمنياتٌ
سيبعثُها هوىً وتعودُ ملأى
ثم قرأ نصّاً آخر
ومن قصيدة «ناي جلال» التي غرقت في التأمل والصمت في حضرة العزف والعروج إلى سدرة المعنى، يقول:
حزينٌ.. وهذا النايُ بعضُ شفائهِ
تمزَّقَ روحاً من حنينِ لقائهِ
يدورُ بهذا التيهِ عمراً مسافراً
إلى سدرةِ المعنى وبابِ سمائهِ
تفتحتِ الأبوابُ لحظةَ أن رأتْ
بصيرتُهُ أسرارَ ما في اصطفائِهِ
أما الشاعر وليد عبد الحفيظ، فقد شحن قصائده بالتساؤلات وحمّلها بالذكريات وهو يطوف بحروفه على تفاصيل القرى وأنين الأماكن، يقول:
إِنَّ السَّمَاءَ عَلَىٰ عَيْنِيَّ ضَيِّقَةٌ
وَصَوْتِيَ الْحُرُّ يَشْكُو مِنْ تَآكُلِهِ
يُسَائِلُ الطُّرُقاتِ اللَّوْلَبِيَّةَ عَنْ
مَصَاطِبٍ ذَرَّفتْ مِنْ جُرْحِ كَاهِلِهِ
لَيْلٍ بِطَعْمِ الحَنِينِ امْتَدَّ؛ طَمْأَنَةً
سَنَابِلُ القَمْحِ نَامَتْ فِي حَواصِلِهِ
لَيْلٍ ثَقِيلٍ عَدِيمِ القاعِ جَوْهَرُهُ
يَسْتَلْضِمُ النُّورَ مِنْ فَوْضَىٰ مَشَاعِلِهِ
ولم يبتعد وليد في نصوصه الأخرى عن القرية وظلال الذكريات الغائرة في روحه، وهو يتتبع خطاها عبر أزمنةٍ أورثته الحنين والغربة، ومنها:
إِلى قريةٍ أورثتني خطاها
وَأزمِنَةً في المَدَى غَائِرَةْ
وَأَرغِفَةٍ أَقلَقَتْ نومَ أُمِّي؛
فَباتَتَ وسادتُها شَاغِرةْ
وَظَلَّتْ عَلى مَطلع الفجرِ مُذْ
وَدَّعَتْنِي بتلويحة خائرةْ
واختتم القراءات الشاعر عبد الله العبد، الذي جاءت قصائده محملة بالذكريات التي تتهجد في محراب الزمن ومن «الداء الأخير» الذي تميز بلغة شفيفة عميقة، يقول:
تذكرتَني ونسيتَ صلاتكْ
وألحقتني بالقطار وفاتكْ
وعلمتني كيف أصبح عود
ثقابٍ وأشعلت مني حياتكْ
وأغلقت عينيك حتى تراني
وبالغت باسمي فصار أداتكْ
وأغرقت نفسك بي وربطتَ
يديك ولم تتقبل نجاتكْ
وقرأ العبد نصاً بعنوان «نور على نور» يقول فيه:
لأنك مصباح المصابيح كلها
يقولون: لا ندري إذا البرق يبرقُ
وكفكَ في الصحراء تشبه غيمةً
على أي غصنٍ مسَّدتْ يتورقُ
تمرُّ على شبه الجزيرة كلها
فترتقُ أرضاً وجهها يتفتقُ
محاصرةٌ في رقعة القوم مهجتي
ولم يبق لي في خندق الجند بيدقُ
وفي الختام كرّم محمد البريكي المشاركين في الأمسية.