عادي

ظاهرة الحروب فائقة الحداثة

23:15 مساء
قراءة دقيقتين
ظاهرة الحروب فائقة الحداثة

يؤكد كتاب الدكتور علي زياد العلي والدكتور علي حسين حميد وعنوانه «تكتيكات الحروب الحديثة الأمن السيبراني والحروب المعززة والهجينة» على أن الحرب بمفهومها التاريخي ظاهرة قديمة، متجذرة في صلب التفاعلات الإنسانية، فهي صراع من أجل البقاء، يستخدم فيها كل وسائل العنف والاشتباك المسلح، سواء أكان هذا الاشتباك بين فردين أم مجموعتين أم دولتين، إذ يشكل أحد مخرجات (فائض القوة) لدى الدول التي تلجأ إليها، من أجل الحصول على المزيد من القوة، أو الحفاظ على الذات.

باتت الحرب تشكل إحدى أكثر الأدوات في البيئة الاستراتيجية تطوراً وتقبلاً، إذ أخذت تتأثر بجملة من التغيرات التي طرأت في البيئة الاستراتيجية، لا سيما تلك المتعلقة بالجانب العسكري (الصلب) واتجهت نحو الشكل الهجين، الذي لا يتخذ من الملامح العسكرية الصلبة، منحنى توظيفياً لها.

إن طبيعة التطور لظاهرة الحرب متأتية من الحتمية المترتبة، نتيجة موجة التطورات التي عصفت بالبيئة الاستراتيجية العالمية، إذ تطورت أجيال الحروب المتعاقبة، لتلبي الاحتياجات المتزايدة، لإدارة الصراعات العالمية وبذلك انتقلت عجلة التغيير لأشكال وملامح الحروب، من مرحلة إلى أخرى، حاملة أفكاراً ورؤى، أدت إلى تحديث كل منظومة الحرب وتدريب الأفراد، إلى نوعية السلاح المستعمل، إلى النظريات والخطط العسكرية المتبعة فيها.

تصنيفات

ومن هذا المنطلق صنف خبراء الفكر العسكري الحروب، تصنيفات مختلفة، اختلفت بحسب توجهات كل مفكر، لكنها تدور في فلك واحد وبدأت بنمط الجيل الأول والمتمثل في الحروب التقليدية العسكرية، حتى وصل الأمر إلى الجيل الرابع والخامس، المتمثل في الحروب الهجينة، السيبرانية.

ينطلق مفهوم الحرب الهجينة لوصف أساليب وأدوات مرنة ومعقدة، يتم توظيفها في ساحات القتال غير التقليدية، إذ تتخذ من الفضاءات المدنية مضماراً للاشتباك والتأثير على الخصم، عن طريق توظيف جملة من أدوات التأثير مثل الحرب بالإنابة، جماعات مسلحة، عمليات إرهابية، مع الوسائل غير المتماثلة (الحروب السيبرانية، الإعلامية، الدعائية والنفسية) في وقت واحد عبر الصراع في استراتيجية موحدة، الأمر الذي يدفع بالكثير من القوى الفاعلة في التوجه نحو شن مثل هذه الحروب في صراعاتها مع القوى الأخرى.

يرى الكتاب أن بيئة الحروب في القرن الحادي والعشرين تختلف اختلافاً جذرياً عن تلك التي كانت في القرون الماضية، نجم هذا الاختلاف نتيجة عدة مدخلات، أهمها التطور التكنولوجي، فضلاً عن تطورات أخرى، شابت البيئة النظرية الفكرية للحروب.

باتت القوى الفاعلة في البيئة الاستراتيجية العالمية وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا الاتحادية والقوى الأوروبية، تتجه نحو توظيف حروب الجيل الرابع والخامس والمتمثلة في الحروب الهجينة – السيبرانية في صراعاتها الاستراتيجية، نتيجة اعتبارات عدة يتجلى أولها في عامل التكلفة، فضلاً عن قدرة هذه الحروب على تجنب عامل الردع.

نسق

انتهى الكتاب إلى إثبات الفرضية التي انطلق منها: إن بيئة الحرب في القرن الحادي والعشرين تأثرت بجملة من المتغيرات التكنولوجية والفكرية والاقتصادية والسياسية، التي بدورها انتهت بصعود وتطور نماذج حديثة من الحروب، بعيدة كل البعد عن تلك المتعارف عليها، إذ أسهمت بشكل مباشر في تغيير نسق وتراتبية علاقات القوى الفاعلة في البيئة الاستراتيجية العالمية ومن ثم بات توجه معظم القوى الفاعلة، يسير نحو توظيف الحرب الهجينة في اشتباكها مع القوى المتنافسة معها.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"