كان تريم عمران شاباً في الثلاثين من عمره حين تسلم مواقع دبلوماسية وقيادية رفيعة في الدولة بعد تخرّجه في كلية الآداب في جامعة القاهرة في أوائل سبعينات القرن العشرين. وهي الفترة الحيوية التأسيسية في عمر الدولة، وفي عمر تريم عمران تريم، ففي العام 1971 كان سفير الإمارات في مصر، وفي العام 1976 ترأس الوفد الإماراتي في الجامعة العربية، وترأس المجلس الوطني الاتحادي في 1977.
في الوقت نفسه وفي 1970 ولدت جريدة «الخليج» على يدي الشقيقين المؤسسين تريم عمران تريم، ود. عبدالله عمران تريم، وهنا تضاف إلى شخصيته السياسية والدبلوماسية جرأة الصحفي الوطني الذي عرف بالخبرة والثقافة أن خدمة بلاده في مرحلة تأسيسها الأول وفي مرحلة شبابه تحتاج إلى إعلام، لكن ليس أي إعلام، بل هو الإعلام الشجاع، المبدئي أولاً، والمدافع بقوة عن وطنية وسيادة بلاده، فولدت «الخليج» الجريدة «اليومية، السياسية المستقلة».
كل هذه الديناميكية والتفاعل والفكر العملي والجريء كان يطبع تريم عمران تريم كلّه وهو شاب في الثلاثين، أي يمتلك طاقة قيادية تأسيسية مبكرة، استندت إلى ما هو أصيل وفطري في تركيبته الثقافية بشكل خاص من حيث بناء فكره السياسي العروبي القومي، ومن حيث تكوينه المعرفي، ثم لا ينسى قارئ سيرة تريم عمران تريم أنه خرّيج كلية الآداب، وهنا أتوقف عند هذه التفصيلة المهمّة وعلاقتها بجريدة «الخليج»، وكيف جعل من الجريدة فضاءً مفتوحاً بلا حدود للثقافة والأدب والفنون والإبداع في الإمارات، وفي الوطن العربي.
في خطوة شجاعة، بل ومُغامِرة جاء تريم عمران بالشاعر السوري محمد الماغوط، ليرأس القسم الثقافي في الجريدة في أوائل الثمانينات، وكان مجرد اسم الماغوط في صحيفة أو في ندوة أو في مؤتمر ثقافي مبرراً لإثارة زوبعة عربية حوله بوصفه كان واحداً من رموز الحداثة الشعرية الجريئة، ورغم ذلك انضم الماغوط إلى الجريدة التي رحّبت ثقافياً آنذاك بالكثير من الأسماء المجدّدة والمثقفة سواء على مستوى المهنة أو مستوى الكتابة، ليظهر في الإمارات أوّل ملحق ثقافي في الثمانينات.
العنصر المحرّك لكل هذه الإبداعية الصحفية الثقافية الجديدة كان تريم عمران تريم، الذي لم يغادره شبابه، ولم تغادره أخلاقياته العالية وروحه الجميلة. وسوف تكون جريدة «الخليج» بعناصرها الصحفية الثقافية مواكبة مهنياً وإعلامياً وروحياً لمشروع الشارقة الثقافي.
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







