هواجس سحر العلوم

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

أليس في الإصرار على إثارة براغيث المخاوف من الطبقيّة العلميّة، إيذاء مبطّن؟ حذارِ الوهم، فإن الواقع وراءه حقائق ليست بالحدائق. عشرات الملايين من العرب تفصلهم مسافات مهولة عمّا وصلت إليه مراكز البحث العلمي الرائدة في العالم. حتى منتصف القرن الماضي، كانت الفوارق العلمية منحصرةً في الغرب، أوروبا الغربية والولايات المتحدة، اليوم ظلت الطبقية العلمية الغربية متفوّقةً كما كانت، لكن، أضيفت إليها كتلتان ملياريّتان ديموغرافيّاً، الصين والهند، ومعهما ترسانتان تكنولوجيّتان، كأنهما واديان لجنيّات عبقر التقانة، اليابان وكوريا الجنوبية. هل لعاقل أن يتجاهل تايوان؟ ومن يدري؟ فحتى فيتنام بدأت ترقص على مزمار النهضة. أمّا أمريكا اللاتينية، فقد فاجأت العالم بأنها أضحت تينيّةً عنبيّةً أفوكاديّةً، حافلةً بكل ثمار التنمية العلميّة التقانيّة. لا ذريعة للتنميات العربية المتعثرة، فللعرب اليوم تنميات فائقة ناجحة.
إذا صدق القلم، فإنه رأى في المنام شاعراً يقول: «أفِقْ سريعَ الفهم هذي العلومْ.. قد جاوزتْ أسرارَ ما في النجومْ.. وسوف يغدو غدُنا ماضياً.. إذا ظللنا في إسار القديمْ». قلت له: ليس عليّ أن أكذّبك بغير دليل؛ بل يشفع لك مقالٌ قرأتُه في موقع المجلة الفرنسية «من أجل العلم» (7 مايو)، في فيزياء الكمّ، عنوانه «مادّة فائقة الصلابة مكوّنة من الفوتونات». هذا هو السحر العلمي المبين. جاء فيه: «كان في المستطاع بناء نظام من الذرات الفائقة البرودة، التي تمثل في آن مادّةً صلبةً بلوريةً وسائلاً لزوجته صفر. فريق من الفيزيائيين توصّل إلى إيجاد مادة فائقة الصلابة، لكنها هذه المرة مكوّنة من الضوء».
ما يفسّر قول ذلك الشاعر المزعوم، إن العلوم «قد جاوزت أسرار ما في النجوم»، هو أن النجوم شموس، وما يحدث فيها هو انفجار نووي انصهاري، ينصهر فيه الهيدروجين محرّراً طاقةً جبّارةً، ويتحول إلى هيليوم. أعلم علماء الفيزياء قبل أينشتاين، لم يكونوا يعرفون سرّ شدة إشعاع الشمس والنجوم، على الرغم من بعدها الذي يجعلها تلوح شمعة غمّازة. معادلة تحوّل المادة إلى طاقة والعكس، (الطاقة تساوي حاصل ضرب الكتلة في مربّع سرعة الصوت) قلبت المفاهيم وكان من ثمارها «الفُطر» النووي. ما ورد في موقع المجلة هو سحر تحوّل الطاقة إلى مادّة. هل تتصور واقعية هواجس الطبقية العلمية؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الحلمية: العالم الثالث يفكّر بمعدته، يتخيّل متى تلحق التنميات المتعثرة بركب سحر العلوم، فتنسج للجياع من خيوط الأشعة، ما يسكت العصافير المزقزقة في البطون.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"