جميعنا نستخدم التقنيات الحديثة، ومن بينها الذكاء الاصطناعي الذي نشهد تزايداً في قوته، وأصبح الاعتماد عليه في مختلف المجالات الحياتية واضحاً وماثلاً للجميع. وفي مجال الطب والرعاية الصحية، تحديداً بات له حضور كبير، حيث يسهم في تقديم حلول كبيرة. هناك دراسة حديثة نشرتها مجلة «التقارير العلمية» التابعة لمجلة «نيتشر» في عام 2024 م تحت عنوان: «التعلم العميق يحسن دقة الأطباء في التفسير الشامل لأشعة الصدر» وتظهر أن نظام الذكاء الاصطناعي المدعوم بالتعلم العميق تمكن من اكتشاف الشذوذات في صور الأشعة الصدرية بدقة عالية، ما يشير إلى أداء مماثل لأداء أطباء الأشعة.
كما أظهرت الدراسة أن الأطباء غير المتخصصين في الأشعة حسنوا من دقتهم عند استخدامهم لهذا النظام، ليصلوا إلى مستوى أداء أطباء الأشعة المتخصصين. وهذا يبرهن على الأثر الكبير لقوة الذكاء الاصطناعي، وهو الأثر الذي يتوقع أن يتزايد وينمو بشكل أكبر خلال السنوات القليلة القادمة.
المشكلة التي نراها في واقعنا اليومي، تتمثل في لجوء البعض إلى منصات الذكاء الاصطناعي، أو من خلال المواقع الطبية، التي تستخدم خوارزميات، حيث يطلبون استشارات طبيبة، أو تشخيصاً لحالات مرضية يعانونها، ويتنامى مثل هذا الاعتماد، وهو ما ينتج عنه تشخيص وتوصيف للعلاج بشكل خاطئ. وهناك أسباب كثيرة للخطأ، منها أن هذه التقنيات تعتمد بشكل كلي على المعلومات التي يقدمها المستخدم نفسه، وهو قد يقدم معلومات ناقصة أو غير صحيحة، ومعها تكون نتيجة التشخيص خاطئة.
الجانب الثاني أن بعض الأمراض أو الأعراض المرضية تحتاج إلى تحاليل مختبرية أو صور أشعة، ومهما بلغ تطور الذكاء الاصطناعي، فإنه لا يمكنه الوصول إلى النتيجة الصحيحة دون تغذيته بنتائج التحاليل أو صور الأشعة. والأمراض التي تحتاج إلى التحليل أو صور الأشعة كثيرة، مثل فقر الدم، أو أمراض الكبد. حسب منظمة الصحة العالمية، فإن التشخيص السريري، دون تحاليل، يخطئ في تحديد المرض بنسبة تصل إلى 30% في بعض الحالات.
نعم الذكاء الاصطناعي مهم، وأحدث ثورة في مختلف الأعمال والقطاعات، ومنها الصحة، لكن الاعتماد عليه، بصفته بديلاً للطب البشري، دون إشراف طبي، ودون معرفة بكيفية تغذيته بالمعلومات اللازمة، فضلاً عن افتقاره لبعض الأدوات المهمة مثل التحاليل والصور يعتبر خطأ فادحاً قد يكون له أثر على الصحة، وعلاج المرض نفسه.
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







