عادي

خط نتنياهو الأحمر.. خفايا ضغوط إدارة ترامب على إسرائيل بشأن غزة

16:56 مساء
قراءة 4 دقائق
نتنياهو ,ترامب

إعداد: محمد كمال

لم يكن تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول خشيته من خسارة إسرائيل لحلفائها في الولايات المتحدة، بسبب «مجاعة غزة» متخيلاً قبل أيام، ما يؤشر إلى تعرض حكومته لضغوط جدية من إدارة دونالد ترامب لوقف الحرب والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، في ظل تهديدات بتعليق الدعم الأمريكي.

ومن بين الضغوط التي مارستها إدارة الرئيس الأمريكي، أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اتصل بنتنياهو ثلاث مرات خلال 24 ساعة من أجل الضغط للسماح بإدخال المساعدات إلى غزة، كما عبر عدد من أعضاء مجلس الشيوخ المشهورين بدعمهم لإسرائيل عن رفضهم لسياسات التجويع، بينما قام نائب الرئيس جي دي فانس، بإلغاء زيارته لإسرائيل في اللحظة الأخيرة، بسبب تجدد الحرب وعدم التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن، حيث كان يخطط لتعويض عدم زيارة ترامب لها خلال جولته في المنطقة الأسبوع الماضي.

وقالت مصادر مطلعة إن الولايات المتحدة ضمنت في المحادثات الخاصة مع حماس، أن تسمح إسرائيل بدخول بعض المساعدات الإغاثية إلى غزة إذا تم إطلاق سراح الرهينة الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، وهو ما حدث بالفعل.

ومن بين أقوى التصريحات الصادرة عن الإدارة الأمريكية، ما نقلته صحيفة واشنطن بوست عن مصادرها حول أن إدارة ترامب هددت نتنياهو صراحة بالتخلي عن دعم إسرائيل إذا لم يُنْهِ الحرب في غزة، وينخرط في اتفاق لاستعادة باقي الرهائن المحتجزين في غزة.

ـ خط أحمر دبلوماسي أم إنساني؟

وما أكد هذه التهديدات، هو اعتراف نتنياهو لاحقاً أن «المجاعة» في غزة خط أحمر، حيث يمكن أن تكلف إسرائيل الدعم الذي تتلقاه من الولايات المتحدة، وقال إن «أقرب أصدقاء إسرائيل، بمن فيهم سياسيون أمريكيون، أكدوا له أنهم لا يستطيعون «تحمل صور المجاعة الجماعية».

كما كشفت تقارير عبرية أن نتنياهو روج لفكرة استئناف المساعدات في اجتماع مجلس الوزراء باعتبار أنها «مجرد مسألة فنية». وخلال الاجتماع الحكومي ذاته، أثار قرار نتنياهو اتهامات غاضبة من أعضاء اليمين المتطرف بالاستسلام لحماس، وخصوصاً من قبل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي قال إن رئيس الوزراء يرتكب«خطأ جسيماً». ولكن شركاء في الائتلاف دعموا هذه الخطوة علناً.

وفي تصريحاته حاول نتنياهو الموازنة بين الضغوط الدولية الشديدة لوقف الحرب، ومطالبات أعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه الحكومي، قائلاً إن قراره جاء ليتمكن الجيش الإسرائيلي من مواصلة عملياته العسكرية داخل القطاع دون ضغوط دولية حول المجاعة.

وانتقدت صحيفة هآرتس العبرية تصريحات نتنياهو، التي وصف فيها مجاعة غزة بـ«الخط الأحمر» الدبلوماسي، معتبرة أن الأمر يتعلق في المقام الأول بأزمة إنسانية طاحنة، وأضافت أن ما تفعله إسرائيل في غزة ليس قضية دبلوماسية عامة، بل جريمة حرب جماعية.

ودعت إلى أنه بدلاً من إطالة أمد هذه الكارثة، يتعين على حكومة نتنياهو أن تسمح بدخول مساعدات إنسانية كبيرة لوقف المجاعة الجماعية للفلسطينيين، وإنهاء الحرب من خلال اتفاق وقف إطلاق النار الذي يضمن عودة جميع الرهائن.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أنه أياً كانت مبررات نتنياهو بشأن السماح بدخول المساعدات، فإنها تكشف تحولاً حاداً في مواقفه، في أعقاب ضغوط جديدة، علنية وخفيّة، من إدارة ترامب، الذي قال خلال جولته الخليجية الأسبوع الماضي، إن«الكثير من الناس يتضورون جوعاً في غزة».

ـ أول اعتراف إسرائيلي رسمي:

كانت تصريحات نتنياهو هي المرة الأولى التي يعترف فيها مسؤول إسرائيلي كبير علناً بالمجاعة المحتملة في غزة، على الرغم من التحذيرات المتكررة من قبل المنظمات الأممية وحتى الجنود الإسرائيليين أنفسهم من الأوضاع الكارثية داخل القطاع المدمر.

ويقول السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دانييل شابيرو لصحيفة نيويورك تايمز إن«نتنياهو، كما هو الحال دائماً، يفضل شراء الوقت وليس اتخاذ القرار»، ولفت إلى أنه في حين يسعى وزراء اليمين المتطرف في إسرائيل إلى السيطرة الدائمة على غزة، فإن القيادة العسكرية لديها شكوك حول القدرة على الاحتلال الدائم، نظراً للمخاوف بشأن استعداد جنود الاحتياط لتولي المسؤولية على مدى فترة طويلة من الزمن، والقلق بشأن مصير الرهائن.

وتؤكد شيرا إيفرون، مديرة أبحاث منتدى السياسة الإسرائيلية في نيويورك:«يجب قراءة كل شيء في سياق المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار الجديد واتفاقية الرهائن»، وأضافت:«بدأت إسرائيل عملية جديدة، لكن لا يزال من الممكن عكس مسارها. وفي الوقت الحالي، تُعدّ هذه العملية أداة تفاوضية، فهي تزيد الضغط على حماس لتقديم تنازلات في المحادثات».

ـ مراوغة كسب الوقت:

وتعتبر إيفرون أن سماح نتنياهو ببعض المساعدات لغزة يظهر قدرته على المراوغة الدبلوماسية، وأوضحت: «بإعلانه عن عملية برية أوسع، يُظهر لقاعدته الشعبية أنه يفعل شيئاً ما. وبسماحه باستئناف المساعدات، يستجيب لضغوط إدارة ترامب، ويكسب المزيد من الوقت».

وفي الأيام الأخيرة، انضمت إدارة ترامب، الداعم الأجنبي الرئيسي لإسرائيل، إلى قائمة طويلة من الحلفاء الغربيين الذين حذروا من المجاعة في غزة، حيث دانت كل من بريطانيا وكندا وفرنسا، قرار إسرائيل توسيع العمليات العسكرية، وهددت هذه الدول باتخاذ «إجراءات ملموسة» إذا لم توقف هجومها وترفع القيود المفروضة على المساعدات.

ومنذ شهر مارس/آذار، منعت إسرائيل وصول الغذاء والوقود إلى غزة، حتى مع تحذير منظمات الإغاثة وبعض الجنود الإسرائيليين من أن القطاع على شفا المجاعة، فيما تقول إسرائيل إنها ستطلق آلية بديلة للمساعدات الإنسانية بدعم من الولايات المتحدة، والتي من خلالها سيعمل الجيش الإسرائيلي على تأمين مراكز توزيع، يديرها متعاقدون أمريكيون متجاوزة المنظمات الأممية المسؤولة عن هذا الملف.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"