هل لديك اعتراض على هذا العنوان قبل المضي قُدُماً في الموضوع؟ سامح الله الخاطر إذا كانت لديه طريقة أفضل لطرح السؤال. بتعبير ناعم «خطراتُ النسيم تجرح خدّيه»: هل ترى في الساحة الثقافية الأدبية العربية حركةً شعريةً فاعلةً واضحة المعالم؟ إذا كان السؤال قد فجأك فتعطّلت لغة الكلام، فإن القلم يرجو الإذن بتحريك اللسان: اعلم أن الحركات في الآداب والفنون، هي ومثيلاتها، التيارات، المدارس، المذاهب، لا تتشكّل ولا تتكوّن إلّا إذا توافرت الخميرة النظرية. لا ينصرفنّ الذهن إلى أن الأوساط الثقافية، التي ينتظر الناس منها الإبداع، غرقت في استيراد النظريات الأوروبية آداباً وفنوناً ونقداً، فلم تعمل على بعث روح وحياة جديدتين في الجذور فينمو الإبداع في تربة الهوية، منها وإليها.
مقولة ابن خلدون عن أن «المغلوب يقلّد الغالب»، لا تنطبق على الشعوب والأمم على نحو واحد. تأمّلِ الصين، فهي في هويتها الثقافية، حكمتها وعرفانها وأجناسها الأدبيّة، لم تتأثر بشيء يذكر، أمّا في العلوم والتكنولوجيا، فقد بدأت بالتقليد والاستنساخ وتدرّجت نحو الابتكار، بفضل تنمية البحث العلمي في جميع المجالات، بعد تأمين الاكتفاء الذاتي في الغذاء ووسائل الدفاع.
نعود إلى الشعر، يجب التسليم بتعذّر قيام حركة شعرية فيها إبداع وتجديد من دون نظرية تنبت فيها أشكال الإبداع وتنمو، بموازاة حركة نقدية جادّة. من أهم ما يؤخذ على الأوساط الثقافية العربية على الدوام، غياب الربط العضوي بين الإبداع والبحث العلمي. طوال الخمسين سنةً الماضية لم نعرف ولا حتى طيفاً لفكر موسيقي أو أفكار موسيقية. المشتغلون بهذا الفن يظنون أن الموهبة لا تحتاج إلى بحوث وتحقيقات نظرية ودراسات تجريبية. هكذا اختزلوا الفن في الاعتماد على الإبداع الفردي.
المدرسة الرمزية (سمبوليسم) الفرنسية، انطلقت من البيان (مانيفست) الذي أصدره الشعراء الثلاثة بودلير، فاليري ورامبو سنة 1886، حدّدوا فيه المعالم النظريّة. ما الذي يمكن أن يفعله الشعراء والنقاد العرب؟ يعتقد القلم أن «بيوت الشعر»، المنبثقة من الشارقة، والتي أشعّت في بلدان عربية عدّة، تستطيع أن تضطلع بأدوار بحثية شتى: ما هو حاضر الشعر؟ ما هو مستقبله؟ ما هي سبل التجديد والنهضة؟ ما هي طرائق استخدام الذكاء الاصطناعي في إطلاق تنويعات وأشكال وإيقاعات جديدة لها امتدادات جذورية في أوزان الشعر العربي الكلاسيكي؟ خيال الشعراء وسيع، خصب بالمواضع.
لزوم ما يلزم: النتيجة العملية: بيوت الشعر قادرة، بإمكانات الشبكة، على عقد مؤتمرات افتراضية بانتظام.
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







