أثار استهداف الجيش الإسرائيلي، أمس الأربعاء، لوفد دبلوماسي أوروبي وعربي يضم 25 شخصاً، غضباً وردود فعل دولية واسعة، مع تصاعد الضغوط الأوروبية التي تكثفت الثلاثاء على إسرائيل من أجل إدخال المساعدات وإنهاء الحرب على قطاع غزة، وسط دعوات دولية للتحقيق ومحاسبة المسؤولين، فيما كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن استعداده «لإنهاء الحرب في غزة ولكن بشروط»، في وقت نقلت «سي إن إن» عن مصادر أن ويتكوف قدم مقترحاً جديداً لإسرائيل و«حماس» قد يشكل أساساً لهما لوقف إطلاق النار.
وأطلقت القوات الإسرائيلية الرصاص على وفد دبلوماسي دولي عند المدخل الشرقي لمخيم جنين بشمال الضفة الغربية. وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أن ذلك جاء أثناء وجود الوفد الدبلوماسي عند مدخل مخيم جنين «للاطّلاع على الواقع المأساوي للمخيم». وذكرت بأن الجنود الإسرائيليين الموجودين في مخيم جنين «أطلقوا الرصاص الحي بشكل مباشر وكثيف تجاه الوفد الدبلوماسي أثناء وجوده في محيط مخيم جنين للاطّلاع على أوضاع المخيم والحصار المفروض عليه». وأشارت إلى أنه «خلال وجود الوفد قرب البوابة الحديدية التي نصبها الجيش الإسرائيلية على مدخل المخيم الشرقي أطلق جنود إسرائيليون النار بشكل كثيف اتجاه الوفد ومجموعة من الصحفيين الذين يغطون الزيارة». ووفق الوكالة، فقد ضم الوفد سفراء كل من: مصر، والأردن، والمغرب، والاتحاد الأوروبي، والبرتغال، والصين، والنمسا، والبرازيل، وبلغاريا، وتركيا، وإسبانيا، وليتوانيا، وبولندا، وروسيا، وتركيا، واليابان، ورومانيا، والمكسيك وسيريلانكا، وكندا، والهند، وتشيلي، وفرنسا، وبريطانيا وعدد من ممثلي الدول الأخرى.

وأقرّ الجيش الإسرائيلي بإطلاق «طلقات تحذيرية» بعدما «انحرف» الدبلوماسيون عن المسار المعتمد في الضفة الغربية، حسب تعبيره. وقال الجيش في بيان «انحرف الوفد عن المسار المعتمد ودخل منطقة لم يُصرح له بالوجود فيها»، مؤكداً أن «الجنود الذين كانوا في المنطقة أطلقوا طلقات تحذيرية». وأضاف الجيش أنه «يأسف للإزعاج الذي تسببت به الحادثة»، مشيراً إلى أنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات.
ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية «الجريمة النكراء التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والمتمثلة في الاستهداف المباشر بإطلاق الرصاص الحي على وفد دبلوماسي معتمد لدى دولة فلسطين».
وسارعت عدة دول أوروبية إضافة إلى مصر والأردن إلى إدانة إطلاق النار تجاه الدبلوماسيين في الضفة الغربية، وطالبت هولندا وبلجيكا إسرائيل بتوضيحات مقنعة، فيما اعتبرت إيطاليا تهديد الدبلوماسيين أمراً «غير مقبول». وأعلنت كل من إيطاليا وفرنسا والبرتغال استدعاء سفراء إسرائيل بعد الحادثة، كما استدعت إسبانيا القائم بالأعمال. ودانت ألمانيا وإيرلندا «بشدة» إطلاق الجيش الإسرائيلي النار في اتجاه دبلوماسيين، بينهم ألماني، في الضفة الغربية.
وأكدت مصر «رفضها المطلق لتلك الواقعة التي تعد منافية لكافة الأعراف الدبلوماسية، وتطالب الجانب الإسرائيلي بتقديم التوضيحات اللازمة حول ملابساتها». ودانت وزارة الخارجية الأردنية في بيان بشدة إطلاق الجيش الإسرائيلي النار باتجاه دبلوماسيين، بينهم سفير المملكة لدى رام الله، في الضفة الغربية، مؤكدة أنها «جريمة تخالف جميع الأعراف الدبلوماسية».

ونددت الأمم المتحدة بإطلاق النار الإسرائيلي خلال زيارة كان يقوم بها دبلوماسيون أجانب وعرب لجنين في الضفة الغربية المحتلة، مطالبة السلطات الإسرائيلية بإجراء «تحقيق دقيق». وحثت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إسرائيل على محاسبة المسؤولين عن إطلاق النار. وأعلنت السويد أنها ستضغط على الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على عدد من الوزراء الإسرائيليين. وكذلك طالبت تركيا بإجراء تحقيق سريع بعد إطلاق النار الإسرائيلي في اتجاه دبلوماسيين كانوا يزورون الضفة الغربية المحتلة. ووصف البابا ليو الرابع عشر الوضع في غزة بأنه «مقلق ومؤلم»، داعياً إلى إدخال كميات كافية من المساعدات.
من جهة أخرى، ذكر مصدر مطّلع لشبكة «سي إن إن» أن الولايات المتحدة تجري محادثات مع حركة «حماس» عبر وسيط أمريكي في الدوحة هذا الأسبوع على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة في الوقت الذي يقول فيه مسؤولون أمريكيون إن الرئيس دونالد ترامب يشعر بإحباط متزايد إزاء تعامل إسرائيل مع الصراع. وذكر المصدر أن المحادثات جرت من الجانب الأمريكي بقيادة رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي بشارة بحبح الذي قاد مجموعة «العرب الأمريكيين لنجاح ترامب» خلال الحملة الرئاسية لعام 2024 والذي كان يعمل نيابة عن الإدارة. وينسق بحبح جهوده مع ستيف ويتكوف الذي كان على تواصل مباشر مع نتنياهو ومساعديه.
وفي هذا الصدد، نقلت قناة «سي إن إن» عن مصدر مقرب من الرئيس الأمريكي: إنه من الواضح أن ترامب يريد التوصل لاتفاق في غزة لكن نتنياهو غير مستعد. وأضافت أن إحباط ترامب من نتنياهو بدأ حتى قبل أن تتخذ الحرب منعطفاً مميتاً مؤخراً.
ومن جهته، كشف نتنياهو، مساء الأربعاء، عن استعداده «لإنهاء الحرب في غزة ولكن بشروط». وقال نتنياهو، خلال مؤتمر صحفي: «أنا مستعد لإنهاء الحرب في غزة ولكن بشروط تضمن أمن إسرائيل وألا تبقى حماس في حكم غزة». وأضاف: «وإذا كانت هناك إمكانية لوقف إطلاق النار لإعادة الرهائن فنحن مستعدون ولكن سيكون وقفاً مؤقتاً». وتابع: «قواتنا تضرب حماس بقوة ووجهت مع وزير الجيش بتنفيذ ضربات أكثر وأقوى.. وكل مناطق قطاع غزة ستكون ضمن مناطق آمنة تحت سيطرتنا».
في غضون ذلك، ينتظر أن يعقد الاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً في الساعات المقبلة. وستناقش الدول المقترح الهولندي بتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، وهي الاتفاقية التي تنظم كافة مجالات العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.(وكالات)