الكاميرا الثقيلة

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

الكاميرا الثقيلة، أو ما يسمى الكاميرا الخفية، يتم معها إضحاك المشاهدين على رد فعل أناس آخرين عند تعرّضهم لموقف مفاجئ يكون مجهزاً لهم مسبقاً، وفي الخفاء كاميرا ترصد ردود أفعالهم، من باب الترفيه والضحك والتسلية.
في بدايتها كانت خفيفة ولطيفة ومسلية في حدود المزاح البريء، ولم تكن لإخافة أو لإحراج أو إيذاء الناس، بل كان هدفها الضحك والتسلية بأدب.
بدأت فكرة الكاميرا الخفية في الولايات المتحدة عام 1948 مع برنامج «كانديد كاميرا»، ويُعتبر من أوائل برامج تلفزيون الواقع، حيث يقوم البرنامج على تصوير ردود أفعال الناس في مواقف مفاجئة ومضحكة دون علمهم، فكان ذا طابع عفوي ومرح نوعاً ما، ثم انتقل هذا النموذج للعالم العربي في الثمانينات وبدأ بمقالب بسيطة تهدف إلى إضحاك المشاهدين دون إلحاق الأذى بالشخص المستهدف الذي لا يعلم شيئاً عن المقلب.
ثم تحول الأمر مع مرور الوقت من مجرد كاميرا خفية إلى كاميرا ثقيلة الدم وأكثر جرأة مما كانت عليه من قبل، واستخدمت المقالب الثقيلة التي تسبب الإحراج والخوف وأحياناً الفزع للضيوف، فقط للسخرية منهم ولإضحاك المشاهدين، وأصبح الضحك على حساب كرامة الآخرين شيئاً عادياً.
ومع وجود نماذج لمثل هذه البرامج على وسائل التواصل، يجب تأكيد أن السخرية من الآخرين ليست فناً، بل هي تدريب للمشاهدين من كبار وصغار على قبول التنمر والسخرية كأمر عادي ومسلّم به.
نحن بحاجة لإعادة ضبط هذه البرامج، وأن تفرّق بين المزاح والإهانة والسخرية، فليس كل محتوى مضحك جائزاً ومشروعاً إذا كان على حساب الآخر عبر الإهانة والسخرية، والتعدي، بل وإلحاق الضرر الجسدي أو النفسي، وبعض المقالب المزعجة وأحياناً الخطرة قد يصاب فيها البعض، وخاصة من لديه أمراض مزمنة، بأضرار جسيمة، فأين المسلّي والمضحك في هذا؟ إلا إذا كان منتج هذه البرامج أو المشاهد خالياً من المشاعر والإحساس بالآخر.
مهما كان إنتاج مثل هذه البرامج للتسلية أو زيادة المشاهدات فهذا ليس عذراً لأن يكون الضحك على حساب كرامة الآخرين، وهذا أيضاً يشمل المقالب التي يفعلها الأشخاص لأصدقائهم، وأكثرها مقالب خطرة، ولا علاقة لها بالضحك البريء من قريب أو بعيد.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"