النزوح الداخلي يتزايد

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين
2

عدد النازحين داخلياً في العالم وصل إلى رقم قياسي غير مسبوق في عام 2024، طبقاً لتقرير صادر عن مركز رصد النزوح الداخلي، وهو مركز نرويجي يعمل بالشراكة مع الحكومات ومنظمات الأمم المتحدة، حيث بلغ عدد النازحين داخلياً 83,4 مليون شخص مع نهاية العام، بزيادة 7,5 مليون عن عام 2023.
المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، اعتبرت أن هذه الأرقام «تدق ناقوس الخطر» وتأتي الخطورة من أن معدل النازحين داخلياً في تزايد في ظل استمرار النزاعات أحد الأسباب الرئيسية للظاهرة. ولقد كان ذلك السبب مسؤولاً عن نزوح أكثر من 9 ملايين شخص في العام الماضي في بلدين إفريقيين فقط هما الكونغو الديمقراطية والسودان، ويمثل هذا الرقم حوالي 45% من إجمالي النازحين بسبب النزاعات في العالم.
لا تقف أسباب النزوح عند النزاعات، وإنما تؤدي الكوارث الطبيعية دوراً كبيراً في هذه الظاهرة، وقد بلغ عددهم حوالي 46 مليون شخص، وهذا يمثل حوالي ضعف المعدل السنوي في العقد الماضي. ولم يأت هذا من فراغ، حيث إن 29 دولة وإقليماً سجلت معدلات نزوح غير مسبوقة. يأتي ذلك في ظل تصاعد متوالٍ في أعداد الكوارث الطبيعية، وكذلك ارتفاع شدتها. وعلى سبيل المثال، فإن الأعاصير وحدها كانت مسؤولة عن أكثر من نصف حالات النزوح التي خلفتها الكوارث الطبيعية.
يشار إلى أن غالبية أعداد النازحين بسبب الكوارث الطبيعية قد تمكنوا من العودة إلى ديارهم، ومع ذلك بقي منهم حوالي 10 ملايين نازح. الذين بقوا نازحين يظل عددهم كبيراً، والذين عادوا لم يجدوا ظروف حياة طبيعية على الأغلب. وفي الحالتين تبقى الحاجة ماسة إلى خطط وموارد قد يعجز الكثير من الدول عن تدبيرها، ومن ثم، فإنها تعول كثيراً على مساعدات المنظمات الدولية. لكن هذه المنظمات واقعة تحت ضغط شديد بسبب التخفيض الذي طرأ على مساهمات بعض الدول في ميزانياتها، وهذا ما يضطرها إلى تخفيض ما تقدمه من مساعدات غذائية وصحية وتعليمية.
قد يقال إن ما يتعلق بشح الموارد المتاحة للتعامل مع ظاهرة النزوح الداخلي من الممكن ألاّ يصبح بهذه الدرجة من الإلحاح إذا ما تم التعامل بفاعلية مع الأسباب التي تؤدي إليها. ويبدو ذلك صحيحاً من الناحية النظرية. لكن هذه الصحة تقتضي الكثير من الأمور من بينها قيام مجلس الأمن الدولي المعني بالمحافظة على السلم والأمن الدوليين بدوره من أجل الحيلولة من دون تفاقم النزاعات، ومحاسبة من يتجاوزون قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني غير مبالين بحياة الناس، ناهيك عن نزوحهم، والذي قد يتكرر مرات ومرات في فترات قصيرة. وتزداد الحال بؤساً إذا ارتبط بالنزوح توالي القصف، مع منع الغذاء والماء والدواء والكهرباء، كما هي الحال في قطاع غزة.
على صعيد الكوارث الطبيعية، فإن رفع كفاءة الأجهزة الداخلية التي تتعامل مع الظروف الاستثنائية التي تخلفها تلك الكوارث يحتاج هو الآخر إلى تأهيل وتدريب، وموارد. ومرة أخرى تظهر فجوة التمويل خاصة في الدول الفقيرة والأشد فقراً، ومن ثم تتجدد الدعوة إلى مد يد العون لها من قبل المنظمات الدولية المعنية وكذا من الدول فرادى عبر المساعدات الإنمائية.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"