إعداد: فوّاز الشعّار
لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.
في رحاب أمّ اللغات
التسميطُ
أنْ يجعــلَ الشاعرُ بَيتَــــه علــى أربعة أقــسامٍ: ثــلاثةٌ منــها على سَــجعٍ واحدٍ، بخــلافِ قافيةِ البيتِ، كقول جنـوب الهــُذَلّيـــة:
وحَربٌ وَرَدْتَ وثغرٌ سَدَدْتَ
وعِلْجٌ شَدَدتْ عليه الحِبَالا
وقول الشاعر:
في ثَغره لَعَسٌ في خَدّه قَبَسٌ
في قَدّه مَيَسٌ في جسمِه تَرفُ
وقول مروان بن أبي حفصة:
هُم القَوْمُ إنْ قالوا أصابوا وإنْ دُعُوا
أجابوا وإنْ أعْطَوْا أطابوا وأجْزَلوا
فأتتْ بعضُ أجزاءِ هذه الأبيات مسجعةً على خلاف قافيتها، لتكون القافيةُ بمنزلةِ السمطِ، والأجزاءُ المسجعةُ بمنزلةِ حبِّ العقدِ.
دُرَرُ النّظْمِ والنَّثْر
قيس بن الملوح
(بحر الطويل)
تَذَكَّرتُ لَيلى والسِنينَ الخَوالِيا
وأَيّامَ لا نَخْشى عَلى اللَّهْوِ ناهِيا
ويَوْمٍ كَظِلِّ الرُّمْحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ
بِلَيلى فَلَهّاني وما كُنتُ لاهِيا
فَلَوْ أَنَّ واشٍ بِاليَمامَةِ دارُهُ
وداري بِأَعْلى حَضرَمَوْتَ اهْتَدى لِيا
وقَدْ كُنتُ أَعلو حُبَّ لَيلى فَلَم يَزَل
بِيَ النَّقْضُ والإِبرامُ حَتّى عَلانِيا
فَيا رَبِّ سَوّي الحُبَّ بَيْني وبَيْنَها
يَكونُ كَفافاً لا عَلَيَّ ولا لِيا
فَإِن تَمْنَعوا لَيْلى وتَحْموا بِلادَها
عَلَيَّ فَلَن تَحموا عَليَّ القَوافِيا
فَأَشهَدُ عِندَ اللَهِ أَنّي أُحِبُّها
فَهذا لَها عِندي فَما عِندَها لِيا
أَلا أَيُّها الواشي بِلَيلى أَلا تَرى
إِلى مَن تَشيها أَو بِمَن جِئتُ واشِيا
لَئِن ظَعَنَ الأَحبابُ يا أُمَّ مالِكٍ
فَما ظَعَنَ الحُبُّ الَّذي في فُؤادِيا
فَيا رَبِّ إِذ صَيَّرتَ لَيلى هِيَ المُنى
فَزِنّي بِعَينَيها كَما زِنتَها لِيا
من أسرار العربية
في العُمُومِ والخُصُوصِ: البُغْضُ، والفِرْكُ: خاص بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. التَّشَهِّي، والوَحَمُ: للحُبْلَى. النَظَرُ إلى الأشْياء، والشَّيْمُ: للبَرْقِ. الحَبْل، والكَرُّ: للحَبْل الذِي يُصْعَدُ به إلى النَّخلِ. الجَلاءُ لِلأَشْياءِ، والاجْتِلاءُ: للعَروسِ. الغَسْلُ للأشْياءِ، والقِصارَةُ: للثوْبِ. الصُّراخ، والواعِيَةُ: على الميِّتِ. التَّحْريكُ، والإنْغاضُ: للرَّأسِ. الحديثُ، والسَّمَرُ: في اللَّيلِ. السَّيْرُ، والسُّرَى: لَيْلاً. النَومُ في الأوقات، والقَيْلُولَةُ: لنِصْف النَّهارِ؛ قال الشاعر ماء العينين:
بالبَحْرِ قَيْلولَةٌ والشَّوقُ أخْتَنِقُ
لِلنَّوْمِ حَيْلولَةٌ والحُبّ مُخْتَنِقُ
هفوة وتصويب
يقول بعضهم «فُلانٌ استغابَ زميلَه»، أي ذَكرَ عُيوبَه في غيابِه، وهي خطأ، والصّواب «اغْتابَه»، والمَصدر «اغْتِياب»، والاسم الغَيْبةُ، وهو أن يتكلّم خلف إنسانٍ بما يَغُمُّه لو سَمِعه؛ فإن كانَ صِدْقاً سُمِّيَ غَيْبَةً، وإنْ كان كَذِباً سمِّي «بُهتاناً».
والغَيْبُ: الشَّكُّ، وجمعه غِيابٌ وغُيُوب. والغَيْبُ: كلُّ ما غاب عنك.
من حكم العرب
إنّ اللَّبيبَ إذا تَفَرَّقَ أمْرُهُ
فَتَقَ الأمورَ مُناظراً ومُشاوراً
وأخو الجَهالَةِ يَسْتَبِدُّ بِرأيِهِ
فتراه يَعْتَسِفُ الأمورَ مخاطراً
البيتان لمحمد الوراق، يقول إنّ من صواب الأمور والحصافة، أن لا يتمسّك المرء برأيه، حتى لو كان متشكّكاً، بل التشاور، وأخذ رأي الآخرين.
عناوين متفرقة
قد يعجبك ايضا







