الإمارات تصنع المستقبل

00:02 صباحا
قراءة 4 دقائق

محمد خليفة *

تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة، على تحقيق مزيد من التقدم والازدهار من خلال مراكمة الإنجازات، وتحسين جودة الأداء، وتطوير مجتمع الإمارات، وإحداث طفرة علمية واسعة، تعود فوائدها في المستقبل على الإمارات شعباً ودولة ومؤسسات.
في هذا الإطار، أعلن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الأسبوع الماضي، اعتماد حكومة الإمارات، المنهج النهائي لاستحداث مادة «الذكاء الاصطناعي» في كافة مراحل التعليم الحكومي في دولة الإمارات، من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، بدءاً من العام الدراسي القادم. وقال سموّه: «هدفنا تعليم أطفالنا وأجيالنا الفهم العميق للذكاء الاصطناعي من الناحية الفنية، وترسيخ وعيهم أيضاً بأخلاقيات هذه التكنولوجيا الجديدة».
والذكاء الاصطناعي هو تقنية تُمكّن الأجهزة الإلكترونية المختلفة من محاكاة العقل البشري في الفهم، وحل المشكلات، واتخاذ القرارات. حيث يكون بوسع الأجهزة والتطبيقات الإلكترونية المختلفة، رؤية الأشياء وتحديدها، وفهم لغة كل متحدث والاستجابة لها، واكتساب العلم والمعارف، وتقديم توصيات مفصلة للمستخدمين والخبراء، والتصرف باستقلالية، وبما يغني عن الحاجة إلى المساعدة من بشر آخرين. ومثال على ذلك اليوم، السيارات ذاتية القيادة، التي تستطيع التنبؤ بالأخطار واتخاذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة، وتجنب الحوادث والارتطام والوصول إلى المكان المقصود من أقصر الطرق.
والذكاء الاصطناعي لا يعتمد فقط على الخوارزميات المعروفة، بل هناك تقنيات عديدة أخرى تضاف إليها، وتجعل الآلة قادرة على التفكير واتخاذ القرار المناسب لكل وضع تتعرض له.
وقد اهتمت دولة الإمارات العربية المتحدة بالعلم منذ لحظة قيامها، إيماناً من قيادتها الحكيمة، بأن العلم هو السبيل الوحيد لخلاص البشرية من مهاوي الجهل والتخلف، ولذلك تم التركيز على تعليم النشء وتسخير كافة الإمكانات لتحقيق نهضة علمية واسعة في الإمارات، تضاهي غيرها في الدول المتقدمة الأخرى.
وكانت التقنية الحديثة، منذ بداية ظهور مخرجاتها، في أواخر القرن الماضي، في صلب اهتمام صانعي القرار، حيث تم التركيز على هذه التقنية، والسعي إلى توطينها وجعلها ضمن محركات التطور الاقتصادي والعمراني والمجتمعي في الإمارات. وفي سبتمبر/أيلول 2017، أطلقت الحكومة الرشيدة استراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، بهدف تعزيز مكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للثورة الصناعية الرابعة، وأن تصبح نموذجاً عالمياً رائداً في المواجهة الاستباقية، لتحديات المستقبل، ومختبراً مفتوحاً لتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من ذلك العام، أطلقت حكومة دولة الإمارات استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي (AI)، وتعد هذه الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، وتهدف إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات، وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، والارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز، وخلق بيئات عمل مبتكرة، وإيجاد سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية.
وكان مجلس الوزراء قد شكل «مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي» وذلك بهدف تطبيق هذه التكنولوجيا في مختلف القطاعات، وتسريع تبني تقنياته لخدمة الأهداف الحكومية، وتحسين جودة حياة المواطنين والمقيمين. وقد عملت الحكومة الرشيدة على تسهيل استخدام الذكاء الاصطناعي، من مختلف شرائح المجتمع، وذلك عبر توفير بنية تحتية متطورة، من كهرباء دائمة وشبكة إنترنت تواكب التقدم الحاصل في تحليل البيانات.
وفي يوليو/تموز العام الماضي، أطلق مكتب الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، ميثاق تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي بدولة الإمارات، ويهدف إلى تحقيق أهداف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وذلك تجسيداً لرؤية القيادة الرشيدة في تحويل الدولة إلى مركز عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، عبر تطوير بنية تحتية مستقبلية ومنظومة متكاملة توظف الذكاء الاصطناعي في كافة المجالات الحيوية، كما تتضمن المبادئ خصوصية البيانات والشفافية والرقابة البشرية والحوكمة والمساءلة والتميز التكنولوجي والالتزام الإنساني والتعايش السلمي مع الذكاء الاصطناعي.
وفي 14 إبريل/نيسان الماضي أقر مجلس الوزراء إنشاء مكتب للذكاء التشريعي، ضمن مجلس الوزراء، على أن يقوم هذا المكتب بتطوير خريطة تشريعية متكاملة لكافة التشريعات الاتحادية والمحلية في الدولة، وربطها عبر الذكاء الاصطناعي بكافة الأحكام القضائية والإجراءات التنفيذية والخدمات المقدمة للجمهور، وستكون المنظومة الجديدة مرتبطة بمراكز أبحاث وتطوير عالمية، لمتابعة أفضل السياسات والتشريعات العالمية، وكيف يمكن الاستفادة منها في دولة الإمارات.
ويعد تشكيل «مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي» لتأكيد عزم حكومة الإمارات على السير قدماً في توظيف الذكاء الاصطناعي وأدواته، في شتى ميادين العمل للارتقاء بالأداء الحكومي وتهيئة بيئات عمل مبدعة، تعجل تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية لبلوغ المستقبل. ولا شك في أن الواقع الراهن في دولة الإمارات يؤكد بأنها باتت دولة متطورة تكنولوجياً بكل المقاييس، وهي تمضي إلى غدها بخطى واثقة.
ويمثل القرار الذي اتخذته الحكومة الرشيدة باستحداث مادة «الذكاء الاصطناعي» في كافة مراحل التعليم الحكومي في دولة الإمارات، دليلاً ساطعاً على أن دولة الإمارات تريد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بشكل مضاعف، من خلال تعليم الأجيال مفردات هذا العلم وأدواته، ما يجعل البيئة الإماراتية في المستقبل، بيئة عقول وعلوم تصنع المستقبل للإمارات والأمة.

[email protected]

* كاتب من الإمارات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"