عادي
الكلى والمعدة والقلب الأكثر تضرراً

فوضى المسكّنات..بداية الخطر

23:02 مساء
قراءة 6 دقائق
فوضى المسكّنات..بداية الخطر
فوضى المسكّنات..بداية الخطر

مسكنات الألم من أكثر الأدوية التي يستخدمها المرضى في جميع أنحاء العالم، كونها تعمل على تثبيط أعراض الألم المزعجة، إلا أن الإفراط في استعمالها يمكن أن يتسبب في مشكلات صحية خطرة، وخاصة للذين يستخدمونها على المدى الطويل، ما يؤدي إلى إجهاد الأعضاء الحيوية وربما تعطيل وظيفتها، مثل الكلى والمعدة، وتنجم عنها تأثيرات سلبية قلبية وعائية متعددة، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء الضوء على هذه المشكلات تفصيلاً.

يرى د.أيسم مطر، أخصائي الأمراض الباطنية، أن مسكنات الألم من أكثر الأدوية انتشاراً واستعمالاً من قبل المرضى، وذلك لسهولة الحصول عليها وتواجدها ليس فقط في الصيدليات بل وحتى في مراكز التسوق، ويمثل رخص أسعارها نسبياً وعدم احتياج وصفة طبية خطورة على صحة المرضى إن تم تناولها بكثرة، أو استخدامها في غير محلها، ما يؤثر سلباً في الصحة العامة للمريض.

1

ويضيف: يمكن أن تتسبب جميع أنواع مسكنات الألم في حدوث عوارض حساسية شديدة، سواء في الجلد أو الرئة إن كان الشخص ذا حساسية لها، كما يجب الانتباه بأن فقدان الشعور بالألم، وعدم القدرة على الإحساس بوجود مشكلة ما قد يؤدي إلى عدم التشخيص المبكر للأمراض وبالتالي حدوث مضاعفات خطرة، كما ينجم عن الإفراط في استعمال المسكنات الإدمان على تناولها مع مرور الوقت، وزيادة الجرعات وعدم القدرة على التوقف عنها.

ويوضح د.مطر: أن مسكنات الألم تنقسم لقسمين رئيسيين، وهما: الباراسيتامول بأنواعه ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية، ومن أشهرها التي تحتوي على مادة (ايبوبروفين) إلى جانب أقراص قد تضم النوعين معاً، أو تضاف إليها مادة الكافيين وأيضاً المسكنات المدرجة بجداول الإدمان وهي الأخطر.

ويتابع: تعتبر مسكنات الألم التي تحتوي على مادة الباراسيتامول الأخف ضرراً، وإن كانت لا تؤذي المعدة، ولكن يمكن أن يؤدي تناولها إلى حدوث تغيرات في ضغط الدم، كما يؤثر في الكبد، ويمكن أن يتسبب في حدوث الالتهاب الكبدي الحاد.

ويلفت د.مطر، إلى أن استعمال مسكنات الألم التي تحتوي على مادة (ايبوبروفين) يتسبب في بعض الآثار الجانبية، ومن بينها تفاقم أعراض الربو إن كان الشخص مصاباً به، ومن الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً تضرر الغشاء المخاطي المبطن للمعدة والذي يحميها من الحمض المعدي والفيروسات، ويؤدي هذا إلى الشعور بالحموضة وقد تحدث التقرحات والنزف، وربما يزيد من خطر الإصابة بسرطان المعدة، وكذلك تضرر الغشاء المخاطي ما يُضعف قدرة المعدة على امتصاص العناصر الغذائية الأساسية كالحديد وفيتامين B12، ويؤدي إلى الإحساس بالإرهاق والإجهاد والتعب.

ويضيف: يمكن أن يؤدي الإفراط في استعمال مسكنات الألم إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة في سرعة ضربات القلب نتيجة تغيير نسبة المعادن في الدم، ومن أبرزها البوتاسيوم، وزيادة نسبة الكالسيوم والإصابة بحصوات الكلى، وتغير في ترشيح الكلى الطبيعي وعملها، والالتهابات الكلوية، وربما يصل الضرر إلى الفشل الكلوي على المدى البعيد، كما يجب الانتباه إلى خطورة جميع المسكنات على الحوامل والمرضعات ومرضى القلب والكلى والمعرضين للسكتات الدماغية، وكبار السن والمصابين بمشكلات قرحة المعدة، والذين يستخدمون مضادات التخثر الدموي.

وينصح د.مطر بالاستخدام الرشيد عند الحاجة إلى تناول مسكنات الألم، ومراجعة الطبيب المختص، وضرورة عدم تناول الحبوب بدون ماء، وألا تؤخذ على معدة خالية من الطعام، وكذلك الحرص علي شرب الكثير من الماء، وتضمين نسبة عالية من الألياف في النظام الغذائي عند تناولها، مع تجنب كسر الحبوب غير القابلة للكسر.

إرهاق

تقول د.نورين إزهار، أخصائية أمراض الكلى، إن الكليتان تعملان كمرشحات مائية دقيقة، وتؤديان دوراً حيوياً في إزالة الفضلات وتصفية الدم ليلاً ونهاراً دون كلل، كما تتحكمان في ضغط الدم وتوازن السوائل، وللحفاظ على الأداء الطبيعي ينتج الجسم مواد كيميائية تُعرف بالبروستاجلاندين، تساعد على تنظيم تدفق الدم إلى الكلى، ولذلك فإن الاستخدام المفرط وطويل الأمد لمسكنات الألم يرهق النظام الحيوي لهذه الأعضاء، ويتسبب في تلف الأوعية الدموية الدقيقة التي تعمل على ترشيح الدم داخل الكليتين، ما يؤدي إلى «اعتلال الكلية الناجم عن المسكنات».

وتضيف: يؤدي الإفراط في تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية إلى انقباض الأوعية الدموية، وانخفاض تدفق الدم، الذي يعمل على فقدان الكليتين قدرتهما على تنقية الدم بالشكل المطلوب، ويتسبب في تلف مفاجئ في الكلى على المدى الطويل، وخصوصاً في حالات الجفاف أو تفاقم أمراض الكلى الموجودة مسبقاً، إضافة إلى التندب والتلف الدائم للكلى الذي يحدث بصمت واستمرار الأضرار.

وتبين د. نورين إزهار أن هناك علامات تحذيرية مبكرة، تظهر مع التأثير السلبي للمسكنات على الكلى، مثل: انخفاض كمية البول، تورم في الكاحلين أو القدمين أو الساقين، التعب غير المبرر، ارتفاع ضغط الدم وصعوبة التحكم به، البول الرغوي، أما الأعراض الأكثر تقدماً فتشمل، الغثيان أو القيء، فقدان الشهية، ضيق التنفس، الارتباك، اضطرابات النوم، التشنجات العضلية، حكة في الجلد، وتُظهر المؤشرات المخبرية ارتفاع مستوى اليوريا والكرياتينين في الدم، اختلال توازن الكهارل (الإلكتروليتات)، وجود دم أو بروتين في البول.

وتشدد د.نورين إزهار على ضرورة استشارة الطبيب المعالج قبل استخدام أي مسكن للألم، وخاصة لكبار السن فوق 65 عاماً، والذين يعانوا وجود عوامل خطر، يمكن أن تزيد من احتمالية حدوث مضاعفات في الكلى، مثل: الجفاف، فشل القلب، داء السكري، ارتفاع ضغط الدم، استخدام عدة أدوية تؤثر في صحة الكلى في نفس الوقت.

وتضيف: يجب استعمال أقل جرعة ممكنة ولأقصر مدة زمنية ضرورية، والحرص من استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية إلا تحت إشراف الطبيب، وقراءة الملصقات الدوائية بعناية، ويجب الانتباه إلى أن الكثير من أدوية البرد والإنفلونزا تحتوي على مضادات الالتهاب، وشرب كمية كافية من الماء، إلا إذا نصح الطبيب بتقليل السوائل.

اضطرابات

يوضح د.نعيم فتة، أخصائي أمراض القلب، أن استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية طويل الأمد أو بجرعات عالية يتسبب في آثار جانبية قلبية وعائية متعددة، بما في ذلك احتشاء عضلة القلب الحاد (النوبة القلبية)، والسكتة الدماغية، وارتفاع ضغط الدم، وتفاقم قصور القلب، بالإضافة إلى اختلال وظائف الكلى، ومن المرجح أن تعزى هذه الآثار إلى زيادة تخثر الدم الناتج عن مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، وارتفاع خطر تكون الجلطات الدموية المفاجئة.

ويضيف: تُقلل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من إنتاج البروستاسيكلينات الواقية، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويُحدث احتباساً متزايداً للأملاح والماء في الجسم، ويُفاقم قصور القلب لدى المرضى، ويسبب تدهوراً في ضبط ضغط الدم، وبالتالي تثبيط إنتاج البروستانويد، كما تُقلل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من معدل الترشيح الكبيبي، وبالتالي تضعف وظائف الكلى، وترتفع معدل ضغط الدم.

يشير د.فتة أن غالبية المرضى الذين يحتاجون إلى مسكنات الألم هم من كبار السن الذين يعانون آلاماً مزمنة ناجمة عن أمراض مثل: التهاب المفاصل، ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب، ما يزيد من خطر الآثار الجانبية الناتجة عن استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، لذلك يُنصح باستخدام هذه الأدوية تحت إشراف طبي صارم، مع التركيز على استخدام أقل جرعة ممكنة ولأقصر مدة، كما يجب إبلاغ الطبيب عند وجود عوامل خطر سابقة مثل أمراض القلب أو الكلى، أو أعراض جديدة مثل: ألم الصدر أو ضيق التنفس لتشخيص أي مضاعفات بشكل مبكر.

ويتابع: يفيد الحفاظ على نمط حياة صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام على تحسين أعراض آلام الجهاز العضلي الهيكلي لتجنب زيادة استخدام مسكنات الألم، كما ينبغي النظر في العلاج الطبيعي المتخصص لاضطرابات العظام طويلة الأمد، ويُنصح بشدة بفقدان الوزن للأشخاص الذين يعانون السمنة، وعلى المصابين بالنقرس أو ارتفاع مستويات حمض اليوريك تجنب الكحول واللحوم الحمراء، ومن الضروري إدارة الأمراض المزمنة.

 

6 احـتياطات


يتعين على الأشخاص مراجعة الطبيب المختص قبل اختيارهم مسكنات الألم التي تحتوي على مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، لوصف الجرعة المناسبة وتوضيح الاحتياطات اللازمة لتجنب الآثار الجانبية الناجمة عن استعمالها، والتي تتمثل في:
1- تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية فقط مع الطعام أو بعده بسبب تأثيرها المهيج على المعدة.
2- عدم تناول الجرعة التالية في وقت مبكر جداً، حتى لا تكون زائدة ولا تؤثر في تسكين الألم وتتسبب في الضرر. 
3- يمكن أن تتداخل بعــــض الأطعــــمة والمشروبات مـــــع أدويـــة الألـــم مـــثل عصير الجريب فـــروت، ويؤدي إلى أعراض فـــي الجهاز الهضمي.
4- التأكد من قراءة النشرة الطبيعة المرفقة مع مسكنات الألم.
5- مراجعة الطبيب المختص عند الشعور بعلامات أو دلالات لها تأثير جانبي في الصحة العامة.
6- تجنب المضادات الحيوية التي تحتوي على (تريميثوبريم) عند تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"