عادي

صور فضائية كاشفة.. «زاباروجيا» تهدد بخلاف نووي بين بوتين وترامب

19:27 مساء
قراءة 4 دقائق

إعداد: محمد كمال

في أوضح دليل على سعي روسيا إلى إعادة تشغيل محطة زاباروجيا للطاقة النووية التي تسيطر عليها حالياً في جنوب شرق أوكرانيا، أظهرت صور أقمار صناعية حديثة أنها تقوم بإنشاء خطوط كهرباء لربطها بالشبكة الكهربائية للمحطة، فيما يعد سابقة تاريخية تستولي فيها دولة متحاربة على منشأة نووية تابعة لدولة أخرى وتستخدمها لتلبية احتياجاتها من الطاقة.

وذكرت تقارير إعلامية غربية أن سعي روسيا إلى إمداد شبكات كهرباء للمحطة النووية المتوقفة عن العمل حالياً، دليل قوي على اعتزامها إعادة تشغيل واستغلال المحطة، على الرغم من المخاطر والدعوات لمعالجة وضع المحطة في محادثات السلام مفترضة بين روسيا وأوكرانيا؛ إذ تعد مصدراً رئيسياً للطاقة في البلاد قبل تعطلها.

تحدي لإدارة ترامب

وفي حين يمثل مسعى روسيا سابقة تاريخية في إطار الاستيلاء على منشأة نووية لدولة أخرى متحاربة، فإن خبراء يرون أن هذا الإجراء يتعارض مع الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمناقشة مصير المحطة في إطار محادثات سلام محتملة.

وأعرب ترامب عن اهتمامه باستحواذ الولايات المتحدة على محطات الطاقة النووية الأوكرانية، مشيراً إلى مخاوف تتعلق بالسلامة وإمكانياتها الاقتصادية. وفي الشهر الماضي، قدم البيت الأبيض خطة سلام إلى كييف وحلفائها تدعو روسيا إلى إعادة المحطة إلى أوكرانيا، لكن تحت إدارة أمريكية. وبموجب هذه الخطة، ستوفر هذه المحطة الكهرباء لأوكرانيا وروسيا.

ماذا تكشف الصور

الصور الحديثة الملتقطة بالأقمار الصناعية تُظهر أن روسيا، منذ أوائل فبراير/شباط، تُنشئ أكثر من 80 كيلومتراً من خطوط وأبراج الكهرباء بين مدينتي ماريوبول وبيرديانسك، على طول ساحل بحر آزوف، وبناء على موقع وطبيعة العمل، قالت منظمات دولية إن المشروع يهدف إلى ربط خطوط الكهرباء الجديدة بمحطة فرعية كبيرة بالقرب من ماريوبول متصلة بمحطة زاباروجيا النووية، على بعد حوالي 140 ميلاً إلى الغرب.

رفض روسي لمقترح ترامب

ورفضت روسيا الفكرة رفضاً قاطعا، حيث صرّح وزير الخارجية سيرغي لافروف لشبكة سي بي إس نيوز أن محظة زاباروجيا تُدار من قِبل شركة روساتوم النووية الروسية العملاقة، وأنه لا يعتقد أن «أي تغيير ممكن».

ويشير مد خطوط الكهرباء إلى أن روسيا لا تهدف فقط إلى الاحتفاظ بالمحطة؛ بل تريد أيضاً تسخيرها لتشغيل شبكتها الخاصة.

وسيطرت روسيا على منشأة زاباروجيا للطاقة النووية في بداية الحرب التي اندلعت قبل أكثر من ثلاث سنوات، لكن قربها من خطوط المواجهة مع أوكرانيا أثار مخاوف من كارثة نووية محتملة، وحذر الخبراء من أي محاولة لإعادة تشغيل المحطة في ظل الظروف الحالية.

ويؤكد المتخصص في الشؤون النووية شون بورني، أن «خطة الكرملين لإعادة تشغيل محطة زاباروجيا النووية تعتمد على تأمين خطوط نقل كهرباء جديدة، وهذا هو أول دليل مادي على هذه الخطط».

ولم يحسم مراقبون ما إذا كانت روسيا تسعى إلى تشغيل المحطة في أوكرانيا ما بعد الحرب أم أنها ستفعل ذلك بينما لا يزال القتال مستمراً. وفي كلتا الحالتين، يشير الخبراء إلى أن روسيا ستحتاج إلى بناء عدة خطوط إضافية لربط محطة زاباروجيا بشبكتها الكهربائية، وهي عملية ستستغرق وقتاً.

وتؤكد أولغا كوشارنا، الخبيرة النووية الأوكرانية المستقلة، أن ربط المحطة بالشبكة الكهربائية الروسية كان هدفاً طويل الأمد بالنسبة لموسكو، كما عبرت عنه في التصريحات الرسمية طوال الحرب.

«استحالة التشغيل الآمن»

بُنيت منشأة زاباروجيا خلال الحقبة السوفييتية، وهي أكبر مجمع للطاقة النووية في أوروبا. وتستطيع مفاعلاتها الستة توليد ما يصل إلى ستة جيجاواط من الكهرباء، وهو ما يكفي على سبيل المثال لتزويد البرتغال بأكملها بالطاقة، وقد وفّرت ما يقرب من ربع كهرباء أوكرانيا قبل بدء الحرب عام ٢٠٢٢.

وتقع المحطة في الجزء الخاضع للسيطرة الروسية من منطقة زاباروجيا جنوبي أوكرانيا، على مقربة شديدة من خطوط المواجهة، ما يجعل التشغيل الآمن مستحيلاً. وقد أُغلقت جميع المفاعلات الستة تدريجياً بعد سيطرة روسيا على الموقع.

تصميم روسي على إعادة التشغيل

وقد أشارت روسيا إلى نيتها إعادة تشغيل المحطة، ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن أليكسي ليخاتشوف، المدير العام لشركة روساتوم، قوله الأسبوع الماضي: «الجميع يحلم بإعادة تشغيل المحطة». وأضاف أنه تم وضع خطة لإعادة محطة زاباروجيا إلى طاقتها الكاملة. وأشار ليخاتشيف إلى أن أحد التحديات الرئيسية لإعادة تشغيل المحطة هو الحاجة إلى «استبدال شبكة الطاقة».

ماذا تحتاج المحطة لإعادة التشغيل؟

في الواقع، من بين خطوط الكهرباء الأربعة، التي يبلغ جهدها 750 كيلو فولت، والتي كانت تربط المحطة بشبكة الكهرباء الأوكرانية، يمرّ خطان عبر الأراضي الخاضعة للسيطرة الأوكرانية. أما الخطان الآخران، الواقعان على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، فقد تضررا جراء القتال، وربما يكون واحد فقط قد أُصلح، وفقاً للخبراء النوويين.

ويرى مراقبون أن أحد الأهداف المحتملة لموسكو هو ربط محطة زاباروجيا بشبكة الكهرباء في منطقة روستوف الروسية، التي تحد المناطق التي تسيطر عليها في شرق أوكرانيا.

وتُظهر صور الأقمار الصناعية خطوط كهرباء جديدة قيد الإنشاء عبر حقول قرب ماريوبول، إضافة إلى الشكل المثلث المميز لأبراج النقل. كما تُظهر أحدث الصور، الملتقطة من 11 إلى 22 مايو/أيار، امتداد هذه الخطوط شرق قرية شيفتشينكو، على بُعد حوالي سبعة أميال من محطة فرعية متصلة بمحطة زاباروجيا النووية.

ما مخاطر إعادة التشغيل؟

ويقول خبراء الطاقة إن إعادة تشغيل محطة زاباروجيا النووية سوف يحمل مخاطر كبيرة. وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، لا تزال المعدات الحيوية من دون استبدال، وقد فرّ العديد من الموظفين الأوكرانيين ذوي الخبرة.

كما أدى تدمير سد قريب على نهر دنيبرو عام ٢٠٢٣، على الأرجح من قِبل روسيا، إلى حرمان المحطة من مصدر المياه الرئيسي اللازم لتبريد مفاعلاتها وقضبان الوقود المستهلك. وقال وزير الطاقة الأوكراني هيرمان جالوشينكو في بيان إن «أي محاولات من جانب الروس لإعادة تشغيل وحدات الطاقة قد تؤدي إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها».

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"