كتابة الأفكار وحفظ المعلومات والتجارب يعدان من أشكال التوثيق الشخصي والفكري، فليست الكتابة والتدوين بالقلم والورق أو إلكترونياً مجرد رفاهية ومضيعة للوقت، بل طريقة فعالة ومهمة لحفظ الأفكار والتأملات والتجارب والمذكرات والمعارف والعلوم والأهداف لأي كاتب أو مفكر أو حتى شخص عادي. هي أداة للتعبير والتأثير وجسر بين الأجيال، فما نقرؤه الآن من كتب العلماء والمفكرين وأصحاب الفكر المستنير ما هو إلا تدوينات من أفكار وتجارب فيها من الحكم الكثير، دوّنوها على الورق في وقتها ثم زادوا عليها يوماً بعد يوم، حتى أصبحت بحجم كتاب واستفاد منها من جاء بعدهم جيلاً بعد جيل، فساهموا في بناء الوعي المعرفي الثقافي الذي يستفيد منه من جاء بعدهم. كانوا صادقين فيما كتبوه، ولذلك وصل إلينا وترك أثراً في نفوسنا، ومثال لذلك كتاب «صيد الخاطر» لابن الجوزي، الذي كان يكتب خواطره ويصطادها ويدونها حتى صارت كتاباً من أفضل الكتب على مر الزمان.
التدوين اليدوي يمنحك فرصة للتأمل والتأني، فتخرج مكنونات صوتك الداخلي بكل شفافية وصدق، ولذلك تظل الدفاتر الشخصية واليوميات المكتوبة باليد خياراً مفضلاً لدى الكثير من المفكرين، لأن التدوين باليد يمنح الكاتب صياغة الفكرة بهدوء وعمق أكبر، ومع تقدم التكنولوجيا صار الاعتماد على التدوين الإلكتروني بالهاتف المتحرك أو بالأجهزة الأخرى.
المدون اليدوي قد يستغني عن التدوين الإلكتروني، أما المدون الإلكتروني والذي يضع الفكرة أو التجربة أو المعرفة في مدونته الإلكترونية فلا أعتقد أنه يمكن أن يستغني في يوم عن الورقة والقلم.
ولو ذكرنا بعض فوائد التدوين، فمنها ترتيب أفكارك، والتعرف إلى نفسك وفهمها أكثر من خلال كتابة المشاعر المختلفة، وطموحاتك وتخطيط الأهداف المستقبلية، ومخططك اليومي والأسبوعي، وكم أنجزت منه، فأنت عندما تفرغ هذه الأفكار التي في رأسك تتوضح الصورة أكثر وأكثر وتسهل عليك فهم الكثير.
إذا كنت جديداً على التدوين ولا تعرف بماذا تبدأ فاسأل نفسك أسئلة وأجب عنها بالكتابة، مثل: ما الشيء الجيد الذي حدث لك اليوم؟ وكيف تزيد منه؟ وما الشيء السيئ الذي تريد أن تمنع تكراره؟ ماذا تعلمت اليوم؟ وكم أنجزت؟ ما الذي ضايقك؟ ما الذي أسعدك؟ ما حالتك المزاجية اليوم؟ وإذا كانت جيدة فما الأسباب؟ ولو العكس فما الأسباب؟ وبهذا أنت تفرّغ بالكتابة كل شيء وتفهم نفسك أكثر. اجعل من التدوين عادة يومية.
مقالات أخرى للكاتب



