عادي

تصريح غامض أثار عاصفة.. هل تعرض بوتين لمحاولة اغتيال في كورسك؟

17:03 مساء
قراءة 4 دقائق
تصريح غامض أثار عاصفة.. هل تعرض بوتين لمحاولة اغتيال في كورسك؟

إعداد: محمد كمال

بتصريح غامض، أثار مسؤول عسكري روسي تكهنات واسعة حول محاولة استهداف أوكرانية لمروحية الرئيس فلاديمير بوتين أثناء زيارته إلى كورسك الأسبوع الماضي، عن طريق هجوم كبير بطائرات مسيرة، وما عزز هذه الفرضية هو أن روسيا شنت على مدار ثلاث ليال تالية هجمات غير مسبوقة بمسيرات على أوكرانيا وخصوصاً العاصمة كييف.

ومنذ تصريح قائد فرقة الدفاع الجوي الروسية يوري داشكين قبل أيام، عن وجود مروحية بوتين في مركز صد هجوم واسع النطاق بطائرات مسيرة أثناء زيارته لكورسك، فإن الكرملين لم يدل بأي تعليق حول الواقعة، ولم يتم التطرق إليه رسمياً لاحقاً، حتى عندما سأل أحد الصحفيين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هذه الواقعة قال، إنه لم يسمع عنها أصلاً.
وكالة الأنباء الروسية الرسمية تاس، نقلت التصريحات التلفزيونية التي أدلى بها المسؤول العسكري داشكين، والتي توحي بأن بوتين نجا من هجوم بطائرة مسيرة استهدفت مروحيته، حيث قال داشكين نصاً: إن مروحية الرئيس بوتين كانت «في مركز صد هجوم واسع النطاق عن طريق طائرات بدون طيار»، وأضاف: «لذلك أجرينا في وقت واحد معركة دفاع جوي وضمنا سلامة رحلة المروحية الرئاسية في الجو». واستطرد: «دُمِّرت جميع الطائرات الأوكرانية المُسيَّرة، ولم يُصَب الرئيس أو حاشيته بأذى».

الزيارة التي أجراها بوتين إلى كورسك الحدودية مع أوكرانيا الثلاثاء الماضي، لم تكن معلنة، ولم تكشف عنها وسائل الإعلام الروسية إلا بعد يوم من إتمامها، وهو ما دفع بعض المراقبين إلى القول: إن كانت واقعة استهداف مروحية الرئيس الروسي حقيقية فإنها تمت بناء على معلومات استخباراتية، لكن لم يظهر أي دليل واقعي على صحة محاولة الاغتيال.
وتشير مصادر إلى أن الرئيس الروسي كان يستقل في رحلته النادرة مروحية من طراز Mi-8، وقليلاً ما يزور بوتين خطوط المواجهة.

تعليق ترامب على الواقعة


وعندما سئل الرئيس الأمريكي ترامب عن الواقعة الأحد الماضي، أثناء مغادرته لمنتجع الغولف الخاص به في بيدمينستر، قال، إنه ليس لديه علم بذلك. وأضاف للصحفيين: «لم أسمع بذلك. لا أعرف، لكنني لم أسمع بذلك»، ثم قال، إنه لا يعرف ما حدث، وتوقع أن يكون ذلك سبباً للهجوم الروسي المكثف لاحقاً على أوكرانيا والذي شمل هجمات بالصواريخ وطائرات مسيرة بلغ عددها من ليلة الجمعة إلى الأحد نحو 900 مسيرة.
لكن بعيداً عن الواقعة، فقد أثار تصعيد القتال غضب ترامب، الذي شن هجوماً عنيفاً على بوتين في تصريحات للصحفيين ثم على قناة «تروث سوشيال»، لدرجة أنه اتهم بالجنون، بل وحذره من سقوط روسيا إذا حاولت الاستيلاء على كل أوكرانيا، منتقداً كذلك تصعيد الهجمات في خضم مساعي دولية لمواصلة المفاوضات بين موسكو وكييف بعد جولة في تركيا.
وقال ترامب: «ما لا يدركه فلاديمير بوتين هو أنه لولا وجودي، لكانت روسيا قد شهدت بالفعل الكثير من الأمور السيئة، بل السيئة للغاية». وأضاف: «إنه يلعب بالنار!».

الرد الأوكراني


ورغم عدم صدور نفي رسمي من كييف حول محاولة استهداف مروحية بوتين، فإن وسائل إعلام أوكرانية نقلت عن مصادر مطلعة قولها، إن هذه الرواية الروسية هدفها إيجاد مبرر لتكثيف العمل العسكري، وسط محاولات ضغط أمريكية لوقف القتال، نافية استهداف بوتين، بل وصل الأمر إلى حد التشكيك في أن بوتين زار كورسك من الأساس، وأنه في توقيت الزيارة لم يتم تسجيل أي هجمات بمسيرات في المنطقة الحدودية.
ونقلت وسائل إعلام مؤيدة لأوكرانيا عن مركز مكافحة التضليل الإعلامي التابع لمجلس الأمن القومي أن ما قاله المسؤول العسكري الأوكراني مجرد دعاية كاذبة.
وواقعياً زار بوتين منطقة كورسك في 20 مايو/أيار، وكانت هذه أول زيارة له إلى المنطقة منذ أن أعلن الكرملين تطهيرها بالكامل من القوات الأوكرانية.
كما استندت وسائل إعلام أوكرانية إلى تقارير روسية غطت زيارة بوتين، والتي أوردت أنه تنقل في المنطقة بالسيارة فقط. وبثت قنوات التلفزيون الرسمية لقطات لموكبه. علاوة على ذلك، لم تُبلغ وزارة الدفاع الروسية ولا وسائل الإعلام المحلية في كورسك ولا قنوات تيليغرام عن أي هجوم بطائرة مُسيّرة يُضاهي في حجمه ما وصفه داشكين في تلك الفترة.

مستقبل المحادثات والعمليات العسكرية


ورغم تصعيد الهجمات المتبادلة بين الطرفين، فإن خبراء لم يستبعدوا حدوث انفراجة في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا من أجل وقف القتال، استناداً إلى أن موسكو معتادة على القتال والتفاوض في آن واحد.
وبعد مكاسب تدريجية على مدى أشهر، تتقدم القوات الروسية في ساحات القتال الأوكرانية بأسرع وتيرة هذا العام. وتقصف المدن الأوكرانية ببعض أعنف هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ في الحرب. حتى إنها فتحت جبهة جديدة في شمال أوكرانيا. فيما يبدو أن الهجوم الصيفي قد بدأ بالفعل.
ويقول محللون عسكريون، إنه من الواضح أن القوات الروسية بدأت الشهر الجاري محاولتها لتحقيق اختراق، حتى مع انخراط ممثلي موسكو في أول محادثات سلام مباشرة مع أوكرانيا منذ عام 2022. وعلى وجه الخصوص، تتوغل القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية المتبقية في منطقة دونباس شرقاً، في العام الرابع من صراعٍ تحول إلى حرب استنزاف.

بوتين والمنطقة العازلة


ومع احتمال التصعيد، فإن بوتين قال: إن القوات الروسية تُنشئ «منطقة عازلة» مع أوكرانيا لحماية المدنيين الروس من الغارات. كما كرّر شعاره بأن الحرب لن تنتهي إلا عندما تُزيل روسيا «الأسباب الجذرية» للصراع، وهو اختصارٌ لمطالب واسعة النطاق تعتبرها أوكرانيا وحلفاؤها استعباداً.
بررت وزارة الدفاع الروسية الهجمات باعتبارها رداً على الضربات الأوكرانية التي شنتها طائرات بدون طيار على المدن والبلدات الروسية، فيما يرى محللون أن بوتين ربما يستغل موسم الجفاف، وهو الأنسب للعمليات الهجومية، لتعزيز قوته التفاوضية قبل إعطاء وزن أكبر لمحادثات السلام في وقت لاحق من هذا العام.
ويقول محللون، إنه من المنطقي أن تستخدم روسيا الضغط العسكري كورقة في أي مفاوضات، فيما يقول الخبير صامويل شاراب المتخصص في الشؤون الروسية، والمقيم في واشنطن: إن «روسيا معتادة على فكرة القتال والتفاوض في آنٍ واحد». وأضاف أن الهجوم يُظهر أن روسيا غير مستعدة لتلبية الدعوات الأوروبية والأوكرانية لوقف إطلاق النار قبل التفاوض على اتفاق سلام يُلبي مطالبها.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"