الشيخة جواهر.. وحديث من القلب

00:26 صباحا
قراءة 3 دقائق

رائد برقاوي

نهضة المرأة أحد أهم مؤشرات تقدُّم الدول والأمم وهناك نساء فاعلات، شاركن بقوة في دفع أوطانهن إلى الأمام، بما قمن به من مشاريع تبقى في الذاكرة وتؤثر في بناء الإنسان وعقله ووجدانه وهناك نساء كتبن أسماءهن بحروف من نور في حراك بلدانهن على المستويات كافة: ثقافية واجتماعية واقتصادية.. تلك الأفكار انتابتني خلال لقائي الأول مع قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي في جامعة القلب المقدس في ميلان الإيطالية.
تدرك في دقائقَ من الحديث مع سموها أنك في حضرة سيدة مثقفة، تستمد رؤيتها ومعارفها المتعددة والمتنوعة من مدرسة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
سيدة أصبحت من خلال مشاريعها في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة ومن خلال متابعتها الحثيثة للفعل الثقافي والتربوي والإنساني غير المسبوق في الشارقة أو من خلال كتاباتها أو مقولاتها أحد أعمدة المدرسة التي تؤمن ب«الإنسان أولاً»، فتضع شؤونه في مقدمة أولوياتها.. سيدة تمتلك شغفاً لا حدود له بضرورة بناء الوعي والارتقاء بالبشر وتقديم كل ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
هذا الوعي الثقافي منح سموها الجرأة والقدرة على التطوير والتغيير نحو الأفضل والأهم من ذلك تحمل مسؤولية بناء الإنسان والمجتمع إلى جانب صاحب السمو حاكم الشارقة وهو وعي ينطلق من رؤية استراتيجية متدرجة، تبدأ من المحلي إلى الوطني فالقومي ومن ثمَّ إلى العالم بأسره والبشرية جمعاء.
في حديثها تلمح مفردات ومفاصل تلك الرؤية، تحدثت عن ضرورة تنشئة جيلٍ مثقّفٍ وواعٍ ومتعلمٍ.. ومَن ينسى تجربة «مؤسسة ربع قرن» والتي تؤكد فعلاً ما كنا دائماً نسمعه قولاً بأن «التعليم في الصغر كالنقش على الحجر» وأن الثقافة مثل الشجرة التي تحتاج إلى اختيار البذرة أولاً وتعهدها بالرعاية والعناية حتى تنمو وتكبر، فتؤتي أكلها وتثمر معرفة وأخلاقاً وإنساناً يتمتع بالسواء النفسي وهو جانب تربوي نجد أصوله وفصوله لدى سمو الشيخة جواهر.
لا يتوقف اهتمام الشيخة جواهر بالثقافة عند النشء، بل نجد امتدادات لتلك الشجرة في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، حيث رعايتها للمكتب الثقافي في المجلس بفعالياته الثقافية وصالونه الذي يناقش مختلف القضايا التي لا تغفل البعد المحلي، حتى البعدين الإقليمي والعالمي كذلك.
لفتني في حديث سمو الشيخة جواهر، تلك المتابعة الدؤوبة لكل ما يُنشر في وسائل الإعلام وقراءة ما بين سطوره وتحليل أبعاده، توقفت مليّاً أمام عشقها للوطن وإنجازاته التي تتراكم في كل يوم وحبّها لكل حجر وزاوية فيه، قالت: «كل إمارة في الدولة لديها تجربة وإنجازات نفتخر بها جميعاً». هنا الرؤية تتسع لتشمل ربوع الوطن، قبل أن تمتد يد الإنسانية إلى خارج أرجاء الوطن، نحو كل محتاج ومظلوم من خلال مؤسسة «القلب الكبير» التي تستمع إلى أوجاع قلوب البشر وأنين نبضاتها، فلا تلبث أن تقدم العون بغض النظر عن الاختلافات الثقافية والعرقية والقومية، لأن الاعتبار الوحيد والمعيار الأول هو الإنسان وحاجته للمساعدة.
كان هذا لقائي الأول في حضرة سمو الشيخة جواهر.. توقفت وتأملت في كلامها وفي أبعاد تميز شخصيتها التي تشعرك بالفخر، فأمثال تلك السيدات النهضويات حاجة ملحة ووجدتني أمام إنسانة ثريَّة بالمعرفة، غنية بالحس الإنساني العالي، همها يتجاوز الجغرافيا والغوص في التاريخ أملاً في تخفيف آلامٍ هنا ومعاناتٍ هناك..
في حضرة السيدة الإنسانة والشيخة المثقفة، تتزاحم التساؤلات في حلقة ممن تتكون المجتمعات..؟، لتأتي إجابتها بلا سؤال: «صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي أغنانا علماً ومعرفة في الشارقة وحتى في البيت تجد في كل زاوية من زواياه كتاباً مفتوحاً».. هنا تداخلت الصور في عقلي ووجدتني أتخيل الشارقة بيتاً كبيراً لا تسكنه إلا الكتب وأتصور بيت سموها حيث الكتب مفتوحة في كل مكان تتحدث عن البشر وقصصهم وقضاياهم وما يرغبون فيه وما يعوق تقدمهم وفعلهم في الحياة، أليست تلك المسائل ما تطرحه الكتب.. نعم، هي سيدة غير عادية وصاحبة رسالة، حياتها في الكتب وعنوانها الإنسان.
إذا كان دور المرأة الفاعل أحد مؤشرات نهضة الأمم وكثيراً ما ضمت مقالاتي كتابات عن نهضة الإمارات والسر في تألقها وخطفها للأنظار وإثارتها للإعجاب في كل المحافل الدولية، فالآن أكثر من أي وقت مضى، أشعر بالاطمئنان.. فطالما لدينا في بلادنا مثل سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، فإن وطننا الغالي في مسار حتمي نحو مزيد من التقدم والازدهار.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"