المرض إبتلاء من الله سبحانه وتعالى وقدره، لا يَسْلم منه بشر، ولا ينجو منه أحد، ويختلف من شخص لآخر، ومن حالة إلى حالة.
هذا الابتلاء يحتاج إلى الكثير من الإيمان والحكمة للتعامل معه، حتى لا يتحول إلى كابوس ملازم، فيصبح المرض أكثر فتكاً بمن أصابه، ولكن المشكلة إزاء هذا الابتلاء الذي قد نتعرض له جميعاً في أي لحظة، هو تكلفة التعامل معه.
للأسف الشديد، وإزاء ما نعيشه ونسمعه في كثير من الدول والأماكن، فإن الإصابة بالأمراض الكبيرة والخطيرة، يتحول من مصيبة، إلى كارثة عندما يتفاجأ الأهل بأن علاج مريضهم مكلف جداً، ويفوق طاقتهم، وقدرتهم، فنضيف في هذه الحالة فوق الابتلاء، مصيبة يعانيها الأهالي، خاصة مع امتناع معظم شركات التأمين عن تحمل تكاليف العلاج.
حملة «وقف الحياة» التي أطلقتها هيئة الأوقاف وإدارة أموال القُصَّر «أوقاف أبوظبي» تحت شعار «معك للحياة»، تماشياً مع عام المجتمع الذي أطلقه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لدعم المصابين بالأمراض المزمنة، جمعت خلال أسبوعين قرابة 510 ملايين درهم من 93 ألف مساهم.
هذه التبرعات التي تدفقت من كبار المساهمين والشركات ومؤسسات القطاعين الحكومي والخاص، تعبر عن حرص مجتمع الإمارات على فعل الخير، ومساندة المرضى غير القادرين على تحمل تكاليف العلاج، بما يجسد إحساساً عميقاً لدى أفراد المجتمع بمسؤوليتهم الإنسانية لتلبية الاحتياجات الطبية لمن يعانون الأمراض وخاصة من أصحاب الأمراض المزمنة وأصحاب الهمم.
هذه الحملة، إلى جانب الكثير من الحملات التي تقف إلى جانب المحتاجين والمكلومين، هي من أنبل الحملات والمواقف التي يظهر فيها البشر نبلهم وإنسانيتهم، لأنه لا أحد يستطيع أن يشعر شعور الأهل العاجزين عن معالجة ولدهم، فتتحول حياة أسرة بأكملها إلى كابوس ودمار.
هذا «الوقف»، وفي ظل وجود أعداد كبيرة من أهل الخير المقتدرين، والباحثين عن أوجه معينه للتصدق عن أموالهم ومساعدة المحتاجين، من الأفضل أن يتحول إلى وقف أشمل وأوسع يطال جميع مدن الدولة، وأن يشمل كل الأمراض الخطرة والمكلفة التي لا يقوى أصحابها على التعامل مع تكاليفها.
أفراد مجتمع الإمارات يسعون دائماً إلى البذل بلا حدود، والخير مزروع في نفوسهم منذ حوله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى دستور حياة، ونجد الكثير من الجمعيات والمؤسسات الخيرية في الدولة تتحمل الكثير من نفقات علاج المرضى، ولكن سيصبح ذلك أكثر جدوى لو تحولت هذه الفكرة إلى وقف اتحادي، يسهم فيه جميع الخيرين، ويستفيد منه كل المرضى غير المقتدرين.
[email protected]
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







