«أنا أعظم شمس». «ولدتِ لكي تعيشي في جزيرة». «جسدك أخفّ من الهواء». «جسدك هو أثر جسدك». «جسدك جرنُ العجين». «الغابات كلّها شجرة واحدة». «حين أغمض عينيّ أفتحهما داخل عينيك». «الناسك يسقي ضريح القدّيس». «نحن كالماء في الماء. كالماء الذي يحفظ السرّ»..
اخترت لك هذه التويجات من حديقة أوكتافيو باث، نقلها إلى العربية بشفافية ترجمانية حيدر الكعبي، وأردت أن ألفّها في خيط حرير، وأتركها تحت نافذتك، لكنني خشيت أن يأتي شخص متطفّل، ويخطف اللفافة ويهرب ظناً منه أنها غنيمة ملقاة مهملة تحت نافذة، ولم يحدث كل ذلك، جاء شاعر، فتح اللفافة، وقرأ التويجات، ثم، تحت نافذتكِ.. نامْ.
* ربما كان الروماني عالم الطاقة باساراب نيكوليسكو، سبّاقاً في توصيف ظاهرة الذكاء الاصطناعي قبل الشعراء والأدباء الذين يحاولون الآن شعرنة هذه الظاهرة، وعلى أية حال، فلا عجب أن يشعرن نيكوليسكو هذا الذكاء، وأكثر من ذلك، لا عجب أن يحوّل الفيزياء إلى نصّ شعري، فهو رجل مختبر وعلم، ولكن في داخله شاعر.
يقول نيكوليسكو: «الذكاء قدرة على قراءة ما بين سطور كتاب الطبيعة، أما الذكاء الاصطناعي فمفهوم مناقض للطبيعة كما يشير اسمه، وهو يعني حفظاً خرافياً للذكاء»، ويتساءل نيكوليسكو في كتابه «أطروحات شعرية» ترجمة: أدونيس وحورية عبد الواحد قائلاً: «الذكاء ليس انتقائياً: فهو ممكن للجميع، ومفتوح للجميع، فلماذا لا يدرّس في مناهج التفكير في جامعاتنا»، وهو يقصد بالطبع الجامعات الرومانية، بوصفه رومانيا.
* نيكوليسكو له رؤية جديدة بشأن العلم الحديث. هو يقول إن العلم الحديث ألغى الإنسان، بينما العلم القديم يحظى بالإنسان، ويقول في مكان آخر: العلم أخذ في حفر قبره الخاصّ بسبب رفضه القبول بضرورة فلسفة جديدة للطبيعة، فليس العلم هو ما سوف يولّد فلسفة جديدة للطبيعة، بل الفلسفة الجديدة للطبيعة هي التي سوف تولد العلم الجديد.
* ولكن، ماذا عن الفيزياء؟ يقول نيكوليسكو بكل بساطة: «الضوء الفيزيائي ينير الكون الفيزيائي، بينما، ينير الضوء الداخلي الكون الشعري».
* يقول «سيوران»، إن أستاذاً من أحد البلدان الشرقية روى له أن أمه القروية تعجّبت كثيراً حين علمت أنه يعاني الأرق. لم يكن عليها هي حين كان النوم يبطئ في القدوم إلّا أن تتخيل حقلاً شاسعاً يتموّج قمحه في الرياح، كي تنام على الفور.
يعلّق «سيوران» على حكاية الأستاذ هذه قائلاً: «لن نحصل على هذه النتيجة لو تخيّلنا مدينة. إنه لمن غير المفهوم، بل من المعجز أن ينجح ساكن المدينة في إغماض عينيه.
* غريبة حقاً مخيّلات شعراء العالم، بحيث تقف أحياناً مضطرباً من قصيدة مكوّنة فقط من سطرين. يقول الشاعر الأمريكي ألبرتو ريوس: «سوف يجعلك المستقبل طويل القامة».
أما جيمس تيت، وهو أمريكي أيضاً، فمن السهل إسعاده، كما يقول، فهو يحب لعبة البينج بونج، وطيور الوشق، ويحب كؤوس الماء المضادة للكسر ورائحة الكيروسين، وطقطقة الجزء تحت الأسنان.
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







