«الجامعة» وموعد جديد للجدل

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين

ليس الحديث عن «إصلاح» الجامعة العربية جديداً، بغض النظر عن تعدد مقاصد هذا الإصلاح وأشكاله، والغاية دائماً، مع تغليب حسن النوايا والغايات، وهو الدفع بآفاق العمل العربي المشترك إلى آفاق أرحب تليق بحجم التحديات المحدقة بمكوناته منفردة ومجتمعة.
وما من مرة تصدّعت فيها الجبهة العربية، وقد تكرر ذلك كثيراً منذ 1990، إلا وعلت فيها الأًصوات المطالبة بمراجعة أسس «البيت العربي الكبير» المتمثل في الجامعة باعتبارها الإطار الأقدم والأوضح، لتكون أكثر صلابة وقدرة على التعبير عن مكوناتها، وصاحبة التدخل الناجع في ما ينشأ من خلافات بينية أو مواجهات مع كيانات خارجية، سواء كانت دولاً أو تكتلات.
وفي كل أحوال الجامعة العربية، تبقى في نظر أغلبية المشغولين بالعمل المشترك حداً أدنى لا يجب التفريط فيه من التكتل العربي، مهما كانت التحفظات على الأداء والفوائد.
ومن يبررون للجامعة ما يقال عن ضعفها أو خفوت صوتها يدفعون دوماً بأنها انعكاس لتوجهات وآراء وتفاهمات مجموع دولها وخلاصة اتفاقها أو اختلافها، خاصة الدول ذات الثقل الأكبر في الجامعة.
الآن، يعود الحديث عن الجامعة العربية، لا بين الدبلوماسيين والساسة والمعنيين بشؤونها هذه المرة، إنما في سجالات ومناكفات «خبراء» مواقع التواصل الاجتماعي، وبينهم هذه المرة من يدّعون علماً ببواطن الأمور وترشيحات مرتقبة على مستوى الجامعة، بل تحدثوا عن قرب انتقال مقرها من مصر إلى دولة أخرى، هي المملكة العربية السعودية، وأن أمينها العام القادم سعودي.
ورغم أن أياً من مصادر الدولتين: مصر والسعودية، الرسمية لم يتحدث في الموضوع، ولا هو مطروح على طاولة النقاشات العربية، على الأقل المعلن منها، فإنه يتمدد في منصات التواصل، ويطغى عليه الغث من القول والفكر.
على خطورة هذه الأحاديث «الافتراضية» من ناحية استغلالها في إفساد العلاقات العربية والإيحاء بما ليس حقيقياً من خلافات بين الدول، فإنها أحاديث تصلح فاتحة لحوار أعقل وأكبر حول الجامعة العربية، وعلى الخلفية نفسها التي تحرك مواقع التواصل الاجتماعي، وهي دخول أمينها العام أحمد أبوالغيط عامه الأخير في المنصب.
والنقاش المفترض، من هنا حتى يجتمع وزراء الخارجية في مارس/ آذار المقبل لانتخاب أمين عام جديد، يجب أن يكون حول كليّات الموضوع، لا هوامشه، بعيداً عن مناوشات مهاويس المنصات.
الكليات تعني أسئلة جادة حول جدوى الجامعة العربية، وإن كانت المصلحة المشتركة تقتضي بقاءها أو إصلاحها أو تطويرها إلى شكل عصري يستفيد من المنظمات الإقليمية الأخرى في العالم، ويكون صوتاً فاعلاً للعالم العربي، بدلاً من أن تبقى كياناً بعض دوله أكثر نفعاً منه للقضايا العربية.
ليس في الأمر ما يخجل من مراجعة منظومة العمل العربية، ووضع كل طرف فيها أمام مسؤولياته تجاه المجموع، والاستقرار على انطلاقة جديدة بالجامعة أو بديلها.

[email protected]

عن الكاتب

صحفي وروائي يعمل في صحيفة "الخليج" الإماراتية منذ عام 2004، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الإعلام من جامعة القاهرة.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"