درس من حياة سميحة أيوب

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

رحيل الفنان يعيد سيرته الشخصية ومسيرته الفنية إلى الأضواء، حتى من لم يكن يعرفه عن قرب ولا تربطه به أي صلة، سواء شخصية أو مهنية، يذكره بدعاء أو يخبرنا معلومة أو يستعرض أعماله.. ورحيل سيدة المسرح الفنانة الكبيرة سميحة أيوب عن 93 عاماً، أعادنا إلى قراءة مسيرة تلك السيدة التي تمتعت بشخصية واضحة وقوية، استثمرتها في الفن فتألقت، وتركت إرثاً فنياً كبيراً.
من سيرتها الذاتية نتوقف عند محطة تجعلنا نترحم على كل فنان عرف الرقي ومعنى ضبط النفس والاحترام، وما يجب قوله، وما يخفيه حتى في عز محنته أو فرحه أو أياً كان الظرف الذي يمر به، في حين أننا نشهد في وقتنا هذا مهازل وأخطاء يرتكبها الفنان بحق نفسه وفنه وبحق أسرته وسيرته؛ وكأننا دخلنا في عصر نشر الغسيل في وسط الشوارع، لا بيوت ولا حتى شرفات وشبابيك، يمكنها أن تستر ما يجب ستره، لدرجة أننا بتنا نسأل هل يعرف هؤلاء معنى كلمة «خصوصية»، ومعنى قدسية الحياة الشخصية، ومعنى الأسرار العائلية؟.
الفنانة سميحة أيوب سُئلت في أحد الحوارات عن تعدد زيجاتها، فقالت وهي السيدة المعروفة بجرأتها، أنها تزوجت أربع مرات، واللافت كيف وبماذا وصفت أزواجها الفنانين الثلاثة؟ محمود مرسي الذي كان مخرجاً وإذاعياً قبل أن يدخل عالم التمثيل ويصبح أحد كبار نجومه، ارتبطت به ولم يدم الزواج طويلاً، بسبب اختلاف في الطباع، لكن يلفتنا أنها أشادت بموهبته وثقافته وأدائه وأن الانفصال تم بهدوء واحترام.
كذلك عاشت قصة حب جميلة وقصيرة، مع زوجها الفنان الراحل محسن سرحان الذي احتفظت له «بتقدير خاص»؛ قبل أن تصل إلى المحطة الثالثة والطويلة، حيث عاشت عشرين عاماً من التفاهم والود مع الراحل الكبير ورجل المسرح والثقافة سعد الدين وهبة، والذي قالت إنه «حب العمر»، رجل وجدت فيه الداعم الأهم لمسيرتها الفنية وشريكها في حب المسرح، وكان من الطبيعي أن تتحدث عنه بكل احترام وتقدير.
لم تعش حياة وردية، بل عرفت الخيبة والارتباط والانفصال.. وحتى الخيانة في آخر زيجة لها من المخرج أحمد النحاس الذي استولى على ممتلكاتها وأموالها، ورغم لجوئها إلى القضاء، إلا أنها لم تستغل الصحافة والإعلام، لتبدو مقهورة مظلومة، وتسيء إلى الطرف الآخر بألفاظ غير أخلاقية، ولم تحك تفاصيل عن علاقتهما الشخصية أثناء الزواج.
الطلاق وارد في حياة كل الناس، ويأخذ حجماً أكبر حين يتعلق الأمر بشخصية عامة وتحديداً الفنانين، إنما ما نستغربه حالياً هو ما وصل إليه حال أهل الفن من توهان وانجراف بلا وعي خلف تيار «السوشيال ميديا»، لا يعرف معظمهم كيف يقفون في وجهه ويغلقون أبوابهم، حفاظاً على كرامتهم وكرامة وسمعة عائلاتهم خصوصاً الأبناء، لا يدركون أن الرد على الطرف الآخر على الملء فخ لا يوضّح الحقائق، بل ينزل بالبيوت وأسرارها إلى وسط الشارع حيث الكل يتفرج والكل يشتري ويبيع.

[email protected]

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"