النووي الإماراتي السلمي

01:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يُعدّ البرنامج النووي السلمي الإماراتي من أبرز مشاريع الطاقة الوطنية الطموحة في دولة الإمارات، وهو انعكاس لرؤية القيادة في تنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاستدامة، مع الالتزام الكامل بالشفافية والمعايير الدولية.
أُطلق هذا البرنامج كجزء من استراتيجية الدولة لتحقيق أمن الطاقة، وتحسين جودة الحياة، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال تقليل الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري. بدأت الإمارات رحلتها النووية السلمية في عام 2008 عندما أعلنت عن نيتها تطوير برنامج نووي سلمي لتوليد الكهرباء، ووقّعت حينها على سياسة الدولة لتقييم وتطوير خيارات الطاقة النووية السلمية، التي أكدت التزام الإمارات بأعلى معايير السلامة، والأمن النووي، ومنع الانتشار.
ومنذ ذلك الحين، تعاونت الدولة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعدد من الدول المتقدمة نووياً؛ لضمان التزامها بالمعايير العالمية. أحد أبرز مشاريع هذا البرنامج هو محطة براكة للطاقة النووية، الواقعة في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي. وتتكون المحطة من أربعة مفاعلات من طراز APR-1400، بقدرة إنتاجية إجمالية تصل إلى 5.6 جيجاواط، أي ما يغطي نحو 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء.
وقد تم تشغيل أول مفاعل فيها بنجاح عام 2020، وأثبتت المحطة قدرتها على إنتاج كهرباء نظيفة، وموثوقة، وأصبحت الإمارات أول دولة عربية تنشئ محطة طاقة نووية تعمل بكفاءة وفقاً للمعايير الدولية، وهو إنجاز يعزز مكانتها العالمية. من الناحية الاقتصادية، يوفّر البرنامج آلاف فرص العمل للمواطنين والمقيمين، ويعزز توطين المعرفة والتقنيات المتقدمة.
كما يُعدّ أداة استراتيجية لدعم خطط التنمية المستدامة، خصوصاً مع ازدياد الطلب على الكهرباء، في ظل التوسع العمراني والصناعي، وعلى المدى البعيد، تُسهم الطاقة النووية في تقليل البصمة الكربونية، وهو ما يتماشى مع التزامات الإمارات البيئية، خاصة في إطار «استراتيجية الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050».
تسعى دولة الإمارات من خلال برنامجها النووي السلمي إلى تحقيق هدف استراتيجي يتمثل في توفير مصدر كهرباء صديق للبيئة يدعم النمو الاقتصادي المستدام، ويُسهم في مواجهة تحديات التغير المناخي من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية. وقد وضعت الدولة إطاراً قانونياً متكاملاً للطاقة النووية السلمية، يُراعي بدقة كافة الالتزامات والاعتبارات الدولية، بما في ذلك المعاهدات والاتفاقيات المرتبطة بالاستخدام الآمن والسلمي للطاقة النووية.
إن البرنامج النووي الإماراتي السلمي ليس مجرد مشروع طاقة، بل هو رؤية حضارية متكاملة، تعكس طموح دولة شابة تبني مستقبلها بعقلانية، وتحترم التزاماتها الدولية، وتحرص على تسخير العلم لخدمة الإنسان والبيئة. هذا البرنامج يبرهن على أن الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة والتعليم والشراكات الدولية هو الطريق نحو مستقبل مستدام وآمن للأجيال القادمة.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"