نحو إغناء التنمية وغنائها

00:35 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تعرف سبباً لخلوّ الساحة الفنية العربية من الدراسات النغمية؟ المشتغلون بالموسيقى في العالم العربي، لا تسمع لهم على مرّ السنين صوتاً أو صدىً في هذا الميدان الوسيع، الذي لا يمكن للموسيقى وأشكالها أن تتطور، أو تشهد أيّ نوع من النمو والتجديد، بلا تحقيقات. علماء البيولوجيا يقولون «إن الحياة كيمياء، ولكن الكيمياء ليست كل الحياة». نقيس على ذلك: الأغنية موسيقى، ولكن الأغنية ليست كل الموسيقى.
لكي نسدّ أبواب الذرائع، لم يكن الأمر هكذا في الحضارة الإسلامية، فالفلاسفة كانوا أهل رياضيات وموسيقى، وعلوم ومعارف أخرى، منهم الكندي والفارابي وابن سينا. وكان لهذا الفن باحثون جمعوا النظرية إلى التطبيق، منهم عبدالقادر المراغي، وصفي الدين الأرموي. أمّا في التاريخ المعاصر، فبعد سبات قرون، صدحت الأوبرا في مصر، بمناسبة افتتاح قناة السويس، ثم تألق أعظم حدث في تاريخ موسيقانا: «مؤتمر الموسيقى العربية بالقاهرة 1932». للأسف كان ذلك الملتقى التاريخي يتيم دهر الموسيقى العربية. النسخ التي جاءت بعده كانت كأنها لم تكن، مجرّد عروض لا تصاحبها جهود في العلوم الموسيقية، في النظرية أو في ظهور أشكال موسيقية جديدة.
البحوث والدراسات ليست منعدمة بالمطلق، فثمة حركات غير ظاهرة، فلا تأثير لها، في بلاد عربية عدّة، وفي الأردن الذي فيه مقر المؤسسة الموسيقية التابعة للجامعة العربية. لا أثر لأيّ عمل عربي مشترك. في الثمانينيّات استعانت سلطنة عمان بفنيين مصريين، لتسجيل الموروث الموسيقي العماني، بشتى ألوانه، بالصوت والصورة والتدوين بالنوتة، لكن ما الذي بُني على ذلك المشروع، الجدير بأن يكون نواةً لبناء وتطوير أصيلين. ليت دول مجلس التعاون جميعاً تفعل ذلك، فالفوائد إيجابية للجميع.
جوهر الكلام هو مقترح لعله يلقى وقعاً وإيقاعاً لدى مقامات الثقافة والفنون في الإمارات. ثمة قوة تكنولوجية ستتفرد بها الدولة حاضراً ومستقبلاً، الذكاء الاصطناعي بامتياز عالمي. الخوارزميات ستهيمن على الموسيقى أيضاً، في النظرية والتطبيق، في العلوم الموسيقية، في التدوين والتأليف والتوزيع الأوركسترالي، في فتح آفاق جديدة لعلم الصوتيات واختراع الآلات الجديدة وتطويرها، وفي ما لا نعلم من أساليب التعامل السحري مع أنواع الأصوات البشرية. الأمل وطيد في أن نرى صرحاً رائعاً في «دبي أوبرا» يُكمل نصف فنّه بمعهد موسيقي أكاديمي بطموح عالمي.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: لا تكون التنمية شاملةً، إلاّ إذا شدت الألحان فيها.
[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"