خواطر في الأمّة ومنظماتها

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تسمح بطرح هذا الموضوع، شريطة ألاّ تكون ملحاحاً في الدقائق والتفاصيل؟ عارضٌ ما، جذب الذهن إلى قضايا التربية والثقافة والعلوم، فهاجت الذكرى بتذكّر منظمة عربية تحمل تلك الأمانات. لكن للحقيقة والتاريخ، قليل من العرب يعرفون ما الذي تفعله، وهي في شُغُل عمّا يفعله العرب. أولئك الذين لا يتحلّون بالحيطة والحذر يلخّصون المسألة في أن الأسماء ليست بالضرورة هي المسميات، ولا الصفات تنطبق لزاماً على الموصوفات والموصوفين. قس بالآلاف على منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
لا تدعِ التشاؤم يزعزع إيمانك بمنظماتك فيجيش صدرك بأن المنظمة التربوية الثقافية العلمية، نسخة عن أمّها، العصا من العُصية أو العكس. من حق الآباء أن يختاروا لأولادهم أسماء، لكن انطباق الأسماء غيب. ما كل صالح بصالح، وما كل عادل بعادل، وما كل سامية بسامية، ولا كل نفيسة بنفيسة. أمّا المؤسسات ذات المسؤوليات الجسام، في مستوى الرسالة والأمانة، فغريب أن يفكّر الذين تُمثّلهم، ويتجادلوا في أصول أدائها وجدوى وجودها ومدى نهوضها بأعبائها، فيُجمعوا على ضرورة إصلاحها من الجذور فالجذع فالأغصان.
لك أن تذكر الطرفة التراجيدية لذلك الذي تجرّأ على توبيخ أمّه، فقالت له: «أبَعدَ شيْبيَ يرجو عنديَ الأدبا»؟ ماذا تقول في الأمّة التي تريد إصلاح أهم منظمة لديها وقد بلغت الثمانين؟ من حقّها ترديد ما لم يقله زهير: «سئمتُ القرارات الخواء ومَن يعشْ.. ثمانين حولاً في القرارات يسأمِ». أو قول الآخر: «إن الثمانين وبُلّغتَها.. قد أحوجتْ سمعي إلى ترجمان». صدق، فالتجاوب بات عسيراً.
القضية لا تخلو من الطرافة الثقافية، فالترجمان المطلوب مشكلة أعوص من أن تحلّها الترجمة. اليوم في إمكانك أن تنقل كتاباً من لغة إلى مئة لغة قبل ارتداد الطرْف، بفضل الذكاء الاصطناعي. أمّا الترجمة بين العقول وطرائق تفكيرها، والنفوس واختلاف نواياها وطواياها وخباياها وخفاياها، فلا «جوجل» يقوى عليها ولا «شات جي بي تي». النموذج الفيزيائي جميل، سوى أنه غير سارّ دائماً. عندما ولدت الأمة ونمَت في لمح البصر، كانت بمثابة انفجار عظيم، إلاّ أن التوسع الكبير، باعد ما بين الأفهام، وليته كان كما بين النجوم في المجرة، أو كعناقيد المجرّات.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفيزيائية: النجاة في الفيزياء. يجب البحث عن السحر الذي يكون مركز الجاذبية الذي يجمع الكثرة في الوحدة ويكون الوحدة في الكثرة.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"