أكتب عن حسن شريف، بل أكتبه، وأستعيده، وأُبقي عليه في الذاكرة الشخصية والثقافية من باب أخلاقيات الصداقة، والانحياز التلقائي لتجربة فنان تشكيلي استثنائي، بل أكتب أيضاً من باب القيمة الفنية العالمية التي وصل إليها صاحب الحبال والكراتين والأسلاك والعلب المهملة في السطوة في دبي، حيث من هناك، من بيت شعبي مفتوح الحوش على السماء وله باب مفتوح أيضاً دائماً للأصدقاء، أصدقائه الشعراء: عادل خزام، خالد الراشد، نجوم الغانم، محمد المزروعي، أحمد راشد ثاني، وغيرهم من عابرين، ومقيمين، وصل إلى العالم بلوحات جدارية حاضرة بقوّة في كبرى متاحف الفن، وأعمال فنية مصنوعة بيديه، معلّقة، ومطروحة على الأرض، يفرح بها الأطفال، ويسخر منها الكبار. وتلك كانت ذروة سعادة حسن شريف، أن يثير السخرية الجاهلة عند بعض الأشخاص، وأن يجعل الطفل يضحك، وفي الوقت نفسه يسخر من ذلك «الكبير».
فنان التكرار حسن شريف. أشياء كثيرة متشابهة في عمله الفني الواحد، لكن هذا التكرار وهذا التشابه هما بالضبط ما جعلا منه مختلفاً عن السرب المحيط به. ولم يكن الاختلاف ولع حسن أو «موضة» بالنسبة له، بل، كان جوهر فكره، وعقله الحيوي المستيقظ دائماً.
ذهب حسن شريف إلى القراءة الهادئة الصامتة. كان يقرأ بثلاث لغات: العربية، والفارسية، والإنجليزية. تعلم الفن وتاريخه وفلسفاته في بريطانيا، وما إن أنهى دراسته حتى عاد فوراً إلى دبي، كما لو كان يحمل فكراً تناقضياً مع روح الثقافة الغربية، وغطرستها المركزية.
استقطب حسن شريف نحو روحه الثقافية والجمالية والإنسانية مجموعة من الرسّامين الشباب في ثمانينات القرن العشرين: عبد الله السعدي، ومحمد كاظم، ومحمد أحمد إبراهيم، وكان أخوه حسين شريف صورة فنية ووجودية من نسخة حسن، لكن مع الاختلاف أيضاً. حسين شريف فنّان الكولاج وفنان التكرار، أيضاً المبدع المثقف هو الآخر، والاثنان: حسن شريف وحسين شريف كانا أوّل من رسم الكاريكاتير في الإمارات، وكانت مجرد مرحلة قصيرة في إطار فن الكاريكاتير.
الكثير من التاريخ الثقافي والشخصي لحسن شريف غير مدوّن ولا مؤرشف. أعمال حسن شريف الآن هي أعمال فنية عالمية. تجربة ثقافية وتشكيلية معاً، تجربة إبداع تشكيلي حر يستحق متحفاً محترماً هنا في الإمارات.
متحف لأعمال حسن شريف؟ اقتراح، وحلم، وفكرة نبيلة، يا ترى، من يحققها على أرض الواقع الثقافي هنا في الإمارات؟
[email protected]
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا







