عرض يقسم الأمريكيين

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة تشهد العاصمة واشنطن حدثاً مزدوجاً يتمثل في إقامة عرض عسكري يجمع ما بين الذكرى ال 250 لتأسيس الجيش الأمريكي التي تتوافق مع عيد ميلاد ترامب ال79، وسط احتجاجات واسعة تقودها حركة التأمت تحت شعار «لا ملوك» في مختلف المدن الأمريكية.
يرى مقربون من ترامب أن هذا الحلم راوده طويلاً وأن رغبته ازدادت في تحقيقه بعد حضوره العرض العسكري السنوي في العيد الوطني الفرنسي في باريس بدعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون عام 2017 أثناء ولايته الأولى. وبالتالي فقد تم الإعداد لهذا العرض الضخم، والفريد من نوعه وفق ترامب، بمشاركة 7 آلاف جندي وعشرات الدبابات والمروحيات. واختتم الحدث بعرض مظلي حيث قفز عناصر الجيش بالمظلات وقدموا العلم الأمريكي لترامب، قبل أن يمر الموكب أمام معالم تاريخية منها نصب لينكولن التذكاري ونصب واشنطن التذكاري، لينتهي به المطاف قرب البيت الأبيض.
يقول الجيش إن تكاليف العرض قدرت بنحو 45 مليون دولار، ما أثار المزيد من الانتقادات والجدل في وقت يجري العمل على خفض النفقات في كل المؤسسات الحكومية. وهناك من يرى أن هذا العرض الضخم يساهم في تعميق الانقسام الداخلي الأمريكي، خصوصاً أن هناك حركة احتجاج واسعة شملت نحو 1500 مدينة أمريكية، بمشاركة ملايين الأمريكيين الذين انضووا تحت شعار «لا ملوك» في إشارة إلى عيد ميلاد ترامب.
واللافت أن آلاف الأشخاص نزلوا إلى الاحتجاج في شوارع لوس أنجلوس برغم وجود الحرس الوطني وتهديدات ترامب المسبقة باستخدام «قوة هائلة» إذا حاول المتظاهرون تعطيل المناسبة. أما منظمو هذه الاحتجاجات، وهي الأكبر منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، فيؤكدون أنها تأتي رفضاً لما يسمونه «رفضاً للسلطوية ولسياسات تقدم المليارديرات على سواهم ولعسكرة الديمقراطية الأمريكية».
بطبيعة الحال، لم يتردد معارضو ترامب في اتهامه باستغلال المناسبتين معاً لإشباع غروره، واعتبروا أن الاحتجاجات جاءت «رداً مباشراً على عرض ترامب المبالغ فيه» الذي «يموله دافعو الضرائب فيما يُقال لملايين الناس إنه لا توجد أموال». لكن الانتقادات الأكثر حدة جاءت من خصومه الديمقراطيين، وفي مقدمتهم حاكم كاليفورنيا الذي كان ترامب قد وسمه بالضعف أثناء احتجاجات لوس أنجلوس، ليرد له الصاع صاعين حين وصف العرض بأنه محرج وأنه «عرض مبتذل للضعف، ومن النوع الذي نراه مع الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية في العالم احتفالاً بقائدها العزيز».
في كل الأحوال، لا يبدو أن ترامب يأبه لكل هذه الانتقادات والاحتجاجات، بل بدا منتشياً بتحقيق حلمه في مناسبة جمعت عيد ميلاده مع ذكرى تأسيس الجيش الذي طالما تباهى بأنه أقوى جيش في العالم، والأهم أن الحدث يتماهى تماماً مع طموحاته في بناء «أمريكا عظيمة» في ظل نظام دولي يشهد تقلبات ومتغيرات متسارعة من المشكوك فيه أن يبقى أحادي الجانب كما هو الحال في الوضع الراهن.

[email protected]

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"