صفر بيروقراطية

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين

يولد المرء في كثير من الدول (خصوصاً العربية) وفي قاموس حياته دروس في كيفية التأقلم مع البيروقراطية والتحلّي بالنَفَس الطويل في كل مرة يحتاج فيها إلى إجراء أي معاملة مع أي جهة حكومية، فالبيروقراطية جزء من روتين الحياة الذي لا بد من وجوده ولا بد من التعامل ببطء السلحفاة مع كل معاملة أو جهة إدارية حكومية؛ هكذا كان الوضع قبل أن تنهض دول لتنفض عنها هذا الغبار مثلما فعلت الإمارات حين أطلقت في نهاية عام ٢٠٢٣ حراكاً لتصفير البيروقراطية وتقليلها، ولم يكن مجرد إجراء أو حراك بقدر ما كان تحدياً كبيراً نجحت فيه الدولة وثابرت جهات حكومية عدة على المضي فيه من أجل تحقيق أكبر إنجاز في سرعة المعاملات وبالتالي إسعاد كل الناس والتقليل من هدر الوقت بلا أي فائدة.
أمس أُطلقت المرحلة الثانية من برنامج تصفير البيروقراطية في حكومة الإمارات، وكما قال سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إن الهدف هو الوصول إلى «حكومة بلا تعقيد، وخدمات بلا انتظار.. ونتائج تُحدث فرقاً حقيقياً في حياة الناس»؛ وكما يصفه سموّه فإنه «مشروع وطني لصناعة خدمات حكومية أكثر بساطة.. أكثر سرعة.. وأكثر تأثيراً».
من المهم أن تسعى الحكومات إلى تسهيل أمور مواطنيها وتوفير الوقت والجهد والعناء عبر تسريع آليات العمل وتحسين مستوى الخدمات، وبالفعل وبفضل برنامج تصفير البيروقراطية، تم اختصار ٧٠٪؜ من وقت تقديم الخدمات وإلغاء أكثر من أربعة آلاف إجراء غير ضروري، وتوفير أكثر من ١٢ مليون ساعة «من تكاليف الانتقال والوقت»! مجهود تشكر عليه حكومة الإمارات وكل جهة حكومية شاركت بكل ما تملك من قدرات كي يتحقق هذا الإنجاز العظيم، الذي تقدمت به الدولة خطوات نحو مستقبل أفضل، بينما ما زالت دول وحكومات تراوح مكانها وعالقة في محطة الحلم والتخطيط لكيفية التخلص من البيروقراطية.
من أهم ما قيل عن البيروقراطية الحكومية هي كلمات للشيخ محمد بن راشد، حيث وصفها بأنها «فن تحويل الأشياء البسيطة إلى معقّدة.. وفن خلق أنظمة إدارية لمحاربة الإبداعات الفردية».. هدرٌ لوقت العميل ووقت الموظف، إرهاق للعميل وللموظف، ولن تجد في المقابل خدمة أو معاملة أفضل من تلك التي توفرها لك جهة خلعت عنها ثوب البيروقراطية وطوّرت من خدماتها في سبيل توفير الراحة للمتعاملين وتوفير جهد الموظف لتأدية مهام أكثر وأكبر، وبالتالي ينعكس نجاح «صفر بيروقراطية» على الحكومة ومؤسساتها وعلى المواطنين والمجتمع.

[email protected]

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"