اللاهثون خلف لقطة

00:37 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم
اختارت الابتعاد عن الأضواء لتعيش حياتها على طريقتها، وبما يتناسب مع طموحاتها والطريق الذي رسمته لنفسها بعيداً عن شهرة أبيها وأمها، إلا أن فضول المتطفلين والذين يدّعون انتماءهم إلى الإعلام، بينما هم هواة «سوشيال ميديا» و«ترند»، فرض عليها الاستجابة والتوقف لالتقاط الصور والرد ولو بشكل مقتضب على الكمّ الهائل من الأسئلة التي لاحقتها، ورغم طيب تفاعلها معهم، لم تفلت نور ابنة شيرين رضا وعمرو دياب من الشائعات والتعليقات، وتصدّرت الترند بمانشيت عريض: نور ترفض نسبها إلى أبيها الفنان الكبير، وتردّ «أنا ابنة شيرين رضا»، لتنافس تحليلات رواد مواقع التواصل الاجتماعي التحليلات السياسية والعسكرية التي تملأ الشاشات التلفزيونية.
الشبه بينها وبين أبيها كبير في الشكل فقط، أما في المضمون فهي تميل إلى البساطة والابتعاد عن الشهرة والأضواء، لم تستغل يوماً اسمَي والديها لتحقق نجاحاً أو تثير ضجة أو تلفت الأنظار، شقّت طريقها في الغربة كما يحلو لها، وكما علمتها والدتها شيرين رضا أن تكون حرة في خياراتها لتعيش سعيدة، وتحقق أحلامها بالطريقة التي تراها مناسبة.
نور شاركت والدتها حفل إطلاق فيلمها الجديد، وقد تكون ندمت على ما فعلت، بسبب تهافت الناس لالتقاط الصور لها ومعها، وأكثر ما شغلهم «هل الشاب الذي يرافقها هو خطيبها؟» و«هل رفضت نسبها لوالدها يعني أنهما على خلاف؟». ما هذا الفراغ الذي يعيشه الناس خصوصاً هؤلاء اللاهثين خلف لقطة مع فنان، ونشر فيديو للحظة وصول فلان أو فلانة، والأسوأ طبعاً هو تهافت الناس على الأماكن التي تكون فيها جنازات فنانين ومشاهير، ولم يعد الفضول محصوراً برؤية الفنانين عن بعد أو قرب ولا التلويح لهم أو حتى طلب الحصول على توقيع «أوتوغراف» منهم، فلقد ولّى زمن التوقيع، والكلمة الآن للصورة «السيلفي» والفيديو، مع سرعة النشر على مختلف الصفحات وتحت عنوان عريض يتكرر مع كل جنازة: «انهيار الفنان الفلاني في جنازة فلان».. و«شاهد دموع الفنان».. وكأنه سيرك، لا تختلف فيه مواقف الجمهور من النجوم سواء لحقوا بهم في الأفراح أم في الأحزان.
نور تتحدث العربية وتفهمها، ما موقف عمرو دياب من ابنته بعد قولها بأنها ابنة شيرين؟.. لن تسلم نور من ألسنة الفضوليين، خصوصاً أن الأمر لم يعد مرهوناً ببضعة صحفيين يكتبون ويعلّقون على كل ما يلاحظونه، وصحفيين يفبركون ما لم يحدث وما لم يرَوه بأمّ العين، الساحة مفتوحة وكل من حمل هاتفاً صار ناشراً ومدوّناً وناقداً، يمنح نفسه حق نشر أي شيء وكل شيء دون أي اعتبار لقيم ومبادئ واحترام لخصوصيات.
[email protected]

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"