تصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، وسط تحركات عسكرية أمريكية غير معلنة ورسائل سياسية مزدوجة، تحركت معها ست قاذفات شبحية من طراز «بي-2» انطلقت من قاعدة وايتمان في ميزوري، حاملة معها القنبلة الخارقة للتحصينات «GBU-57» متجهة نحو قاعدة جوية أمريكية في غوام في المحيط الهادئ، ما فتح الباب أمام سيناريو ضربة عسكرية لمفاعل «فوردو» الإيراني الحصين، تحمل معها نهاية البرنامج لنووي لطهران.
وأكدت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أن الأقمار الصناعية التقطت في 2 إبريل الماضي وجود ست قاذفات أمريكية من طراز «بي-2» في قاعدة دييغو غارسيا، القادرة على حمل قنبلة «GBU-57»، في مؤشر إلى أن الولايات المتحدة قد تضع سيناريو ضرب إيران على الطاولة.
كما نُقلت 30 طائرة أمريكية من قواعدها في الولايات المتحدة إلى أوروبا، معظمها طائرات للتزود بالوقود جواً.
ما هي صفات قاذفات «بي-2»
تملك تلك القاذفات الشبحية قدرة على التخفي، ولا تملكها إسرائيل، وحدها القادرة على حمل «GBU-57»، ويمكنها من خلال التزود بالوقود إلى الوصول إلى أي هدف في العالم.
وتبلغ تكلفة الطائرة الأمريكية حوالي 2.1 مليار دولار، ما يجعلها أغلى طائرة عسكرية. وصنعتها شركة نورثروب جرومان بتكنولوجيا التخفي المتطورة، وبدأت إنتاجها في أواخر الثمانينيات. ولم ينتج منها سوى 21 قاذفة فقط.
ويتيح مدى القاذفة الذي يزيد عن 6000 ميل بحري دون إعادة التزود بالوقود قدرات هجومية. ومع إعادة التزود بالوقود جواً، يمكن للقاذفة الوصول إلى أي هدف في العالم، كما ثبت في مهمات من ميزوري إلى أفغانستان وليبيا.
وتسمح حمولتها التي تزيد عن 40 ألف رطل بحمل مجموعة متنوعة من الأسلحة التقليدية والنووية.
وتشتمل تقنية التخفي فيها مواداً تمتص موجات الرادار وميزات تقلل من رصدها من أنظمة الدفاع الجوي المعادية. وتقول تقارير، إن ظهور الطائرة على شاشة الرادار يشبه رصد طائر صغير، ما يجعلها غير مرئية تقريباً.
ما هي قدرات قنبلة «GBU-57»
هي أقوى قنبلة غير نووية في العالم، وتتميز بقدرتها على اختراق الصخور والخرسانة بعمق كبير. ويوضح الجيش الأمريكي أن القنبلة صُممت لاختراق ما يصل إلى 200 قدم (61 مترا) تحت الأرض قبل أن تنفجر.
وعلى عكس الصواريخ أو القنابل التي تنفجر شحنتها عند الاصطدام، تتمثل أهمية هذه الرؤوس الحربية الخارقة للتحصينات بأنها تخترق الأرض أولاً، ولا تنفجر إلا لدى وصولها إلى المنشأة القائمة تحت الأرض.
وهذه القنابل التي يصل وزنها 13 طنا، وطولها 6,6 أمتار، تغلفها طبقة سميكة من الفولاذ المقوّى تمكّنها من اختراق طبقات الصخور. وتكمن فاعليتها أيضاً في صاعقها الذي لا يُفعّل عند الارتطام بل يكتشف التجاويف وينفجر عند دخول القنبلة إلى المخبأ.
فوردو مفاعل شديد التحصين
ويعد مفاعل فوردو، ثاني موقع تخصيب نووي في إيران، ومصمم لإنتاج يورانيوم مخصب بنسبة نقاء 20%، إلا أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية عثروا على عينات من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء 83.7% في المنشأة في 2023. وكان الموقع، قاعدة صواريخ إيرانية سابقة، وتقع على بُعد نحو 160 كيلومترًا جنوب طهران، إلا أنها محفورة في سفح جبل على عمق مئات الأقدام تحت الأرض. ورغم أنها تضم أجهزة طرد مركزي أقل من نطنز، إلا أن تصميمها الجوفي يجعلها أقل عرضة للضربات الجوية.
موقف ترامب من ضرب إيران
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه قرر تأجيل البت في توجيه ضربة لإيران، لمدة أسبوعين لكنه لم يسحب الخيار العسكري من الطاولة، وسط تصريحات لمصادر مطلعة عن بحث استهداف منشآت نووية إيرانية مدفونة مثل موقع «فوردو» جنوب طهران، بواسطة قاذفات بي-2.
وأكدت شبكة بلومبرج أن أي تحرك عسكري للولايات المتحدة يحتاج إلى موافقة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، نظراً لكون قاعدة دييغو غارسيا الموجودة في المحيط الهندي، تابعة رسمياً لبريطانيا، رغم استخدامها في الضربات الأمريكية على مدار السنوات الماضية.
موقف بريطانيا من استخدام قاعدة دييغو غارسيا
شهدت الأيام الماضية محاولات من وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي لإقناع إدارة ترامب بخيار التفاوض، الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي لإعلان منحه الحلول الدبلوماسية «فرصة محدودة» قبل أن يحسم أمره خلال أسبوعين.
وأصبح كير ستارمر في موقف صعب، حيث تتمسك حكومته حتى الآن بعدم الدخول كطرف في الصراع، وما يجعل الأمر أكثر تعقيداً هو الاتفاق الذي أبرمته بريطانيا مع موريشيوس حول أرخبيل شاغوس، والذي ينص على ضرورة إبلاغ الأخيرة في حال استخدام قاعدة دييغو غارسيا لأغراض هجومية.
ما هي قاعدة دييغو غارسيا؟
قاعدة دييغو غارسيا هي منشأة عسكرية استراتيجية بالغة الأهمية تقع في المحيط الهندي، وتُعد من أبرز القواعد التي تستخدمها الولايات المتحدة خارج أراضيها.
تقع القاعدة في جزيرة دييغو غارسيا، وهي أكبر جزر «أرخبيل تشاغوس» التابع رسمياً لبريطانيا، لكنه مؤجر للولايات المتحدة بموجب اتفاق عسكري طويل الأمد.
وتبعد جزيرة دييغو غارسيا نحو 3700 كم جنوب غرب إيران، ويرى المحللون أنها موقع مثالي لتوجيه عمليات جوية باتجاه طهران، كما سبق استخدامها لضرب أهداف في أفغانستان.
وتُستخدم القاعدة كنقطة انطلاق رئيسية للطائرات الأمريكية، خاصة قاذفات B-2 الشبحية القادرة على تنفيذ ضربات طويلة المدى، والتي قد تستهدف المنشآت النووية الإيرانية.