عادي
في شاعرية البصر

«الكوفي الفاطمي».. تناغم الحروف يسرق العين

16:29 مساء
قراءة 3 دقائق
اللوحة
الخطاط جمال الكباسي

الشارقة: عثمان حسن

الخط الكوفي وتفرعاته خاصة الكوفي الفاطمي، من أهم الخطوط التي تستهوي الفنانين، ذلك أنه استخدم قديماً في العمارة الإسلامية والنقوش الجدارية، فضلاً عن كونه من الخطوط التي تتزين نهايات حروفها بالزخرفة النباتية التي تظهر على شكل أوراق وأشجار، هذه الزخرفة تظهره بجمالية عالية، وحس فني فريد.
لدينا لوحة في الكوفي الفاطمي للخطاط السعودي جمال الكباسي استخدم فيها الآية القرآنية «وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ» من سورة يوسف، حققت هذه اللوحة الكثير من العناصر الجمالية التي تميز الخط الكوفي عن غيره من الخطوط، ومنها: تميز هذا الخط باحتوائه على عدد أكبر من المنحنيات والحلقات، وأيضاً دخول الزخرفة إلى هذا الخط كعنصر أساسي يعزز من جمالياته، وهو الذي يبرز اللوحة في تصميم فني فريد وكأن الزخرفة قد نبتت من الحروف وزادت من ألق وإبهار المنظر البصري بشكل عام.

*تكوين


هذا الخط الذي يكتب بحروف عريضة أو سميكة كما هو ظاهر في اللوحة، واستطاع جمال الكباسي أن يظهره في حلة وتكوين بصري أخاذ، فهناك التشابك والتداخل الفني بين الحروف التي تكتب بشكل منحن ومستقيم، وقد لفت الشكل إلى حرفية كبيرة تدل على اقتدار الكباسي ومهارته الفائقة في إتقان الخط.
قسم الكباسي هذه اللوحة إلى قسمين: الجزء الأسود (وفوق كل ذي علم عليم) والحرف الأحمر الكبير وهو حرف (الواو)، وقد كتبه ا بأسلوب حر زخرفي ليشكل توازناً بصرياً مع الكتلة السوداء، وقد استخدم الكباسي اللون المختلف (الأحمر) ووظفه كأداة تركيزية لشد الانتباه لبداية الآية، ما يضيف عمقاً بصرياً ملحوظاً في اللوحة.
حرص الكباسي على خط توقيعه أو خاتمه الشخصي، بشكل يبدو مستطيلاً، أسفل الكتلة السوداء، وكأنه مدمج في اللوحة، وجاء توقيعاً مزخرفاً، وهي تقنية يستخدمها العديد من الخطاطين في أعمالهم.
لقد امتازت هذه اللوحة الخطية بجملة من الخصائص الفنية، ومن ذلك (التناغم اللوني) الواضح بين الأسود والأحمر، (الأسود) المعبر عن الوقار والرصانة، و(الأحمر) المعبر عن القوة والجاذبية البصرية.
وفي اللوحة أيضاً، ثمة (توازن هندسي) دقيق، حيث تمركزت الكتلة النصية في الوسط، وتم تصميمها بطريقة تشبه الهرم، وهناك (التكامل) بين الحرف والمعنى: حيث حرف الواو بالخط الكبير يهيئ القارئ لبداية الآية، وكأن الشكل يوصل رسالة روحية قبل حتى قراءة الكلمات.
يعبر النص عن تواضع العلماء وعدم التكبر بالعلم، لأن دائماً هناك من هو أعلم، والعلم المطلق لله وحده، وقد حققت اللوحة أبرز جماليات الكوفي الفاطمي كما ظهر في التكرار والتماثل والتراكب البصري والتوازن المتقن بين أجزائها كافة.
إن إصرار الكباسي على تنفيذ هذه اللوحة على هذه الهيئة من الجمال يعكس قوة البنية البصرية، كما يمكن الإشارة إلى حرف (الواو) الذي كتبه الخطاط بطريقة حرة وانسيابية، لا تتبع نفس نظام الخط الكوفي، مما يجعله بارزاً على النحو الظاهر في اللوحة، الواو هنا، مائلة خارج حدود النص لتكسر التناظر وتجذب العين، كما أن الفراغ الأبيض المحيط باللوحة يخلق توازناً بصرياً ومتنفساً للعين، وكل ذلك يبرز الخط الكوفي كفن بصري وليس مجرد نص.

*إضاءة


جمال الكباسي، يعتبر من أمهر الخطاطين، وقد حاز العديد من الجوائز والتقدير في مجال الخط العربي. فقد حصد جائزة المركز الثاني في المهرجان الثقافي الدولي للخط العربي بالجزائر، كما مثل السعودية في العديد من المهرجانات والملتقيات الفنية حول العالم.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"