يمر العالم بين مرحلة وأخرى، بأزمات مختلفة، سواء كانت صحيّة أو اقتصادية أو بيئية أو سياسية، وفي مثل هذه الأحوال، يصبح الاتصال الحكومي أداة حيوية وأساسية، ليس لنقل المعلومات فقط، بل لبناء الثقة بين الحكومة والمجتمع، وقد أثبتت التجربة الإماراتية نجاحاً كبيراً في هذا المجال، حيث اعتمدت الدولة على نهج استباقي وشفّاف في التعامل مع الأزمات، ما ساعد على طمأنة الناس، وتوجيههم، وتعزيز التلاحم المجتمعي.
عندما بدأت جائحة «كورونا» بالانتشار، واجهت معظم الحكومات في العالم تحدياً كبيراً في إيصال المعلومات الدقيقة للمواطنين بسرعة وفاعلية، لكن في الإمارات، كان هناك تميّز واضح في طريقة التواصل مع الجمهور، فقد أنشأت الحكومة فرقاً وطنية لإدارة الأزمات، وعقدت مؤتمرات صحفية دورية بلغات متعددة، كما استخدمت وسائل الإعلام التقليدية والمنصات الرقمية للتواصل مع جميع فئات المجتمع.
ما يميز الاتصال الحكومي في الإمارات، اعتماده على الشفافية، ولا تكتفي الجهات الرسمية بنقل الأرقام أو القرارات فقط، بل حرصت على شرح الأسباب، وتقديم التوجيهات، والردّ على الشائعات بمصادر موثوقة.. هذا النهج عزز صدقية الرسائل الرسمية، وجعل الجمهور أكثر تعاوناً والتزاماً بالتعليمات.
ومن المهم أيضاً توظيف التكنولوجيا الحديثة لدعم جهود الاتصال الحكومي، من حيث تطوير تطبيقات ذكية ومنصات إلكترونية لتسهيل الحصول على المعلومات والخدمات. كما يسهم استخدام أدوات التحليل الرقمي والذكاء الاصطناعي، في فهم توجّهات الرأي العام، والتفاعل مع الجمهور بطرائق أكثر فاعلية وسرعة.
التجربة الإماراتية قدمت دروساً مهمة في كيفية إدارة الاتصال خلال الأزمات، وأول هذه الدروس أهمية الاستعداد المسبق ووضع خطط اتصال واضحة تفعّل عند الحاجة، فضلاً عن ضرورة توحيد الرسائل الحكومية لضمان وضوح المعلومات وتجنب التناقض، وكذلك بناء الثقة على المدى الطويل عبر الصدق والوضوح والسرعة في الاستجابة.
من المهم أن تدرك الحكومات أن الاتصال لا يقتصر على نقل التعليمات، بل هو شراكة حقيقية مع المجتمع، فكلّما شعر الناس بأن الحكومة صادقة معهم، زاد التزامهم وتفاعلهم الإيجابي، فالاتصال الحكومي الفعّال أحد أهم عناصر إدارة الأزمات، وقد أثبتت الإمارات أن الاستثمار في البنية التحتية الإعلامية، وتطوير مهارات المتحدّثين الرسميين، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في كيفية تعامل المجتمع مع التحديات.
عن الكاتب
المزيد من الآراء
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
