إن كانت الشركات العالمية تتسابق فيما بينها في مسألة التقنيات الحديثة، وتحديداً مسألة الذكاء الاصطناعي والتي تزيد من حضور هذه الشركة على تلك، وبالتالي حصتها ومكانتها في السوق العالمي، فإن الذي يسجل لدولة الإمارات في هذا المجال أنها كانت السبّاقة عالمياً في تبنّي هذه الاستراتيجية بطريقة حكومية وأكاديمية في الوقت نفسه.
للذكاء الاصطناعي، تاريخ يعرفه العاملون في ميدانه، وكان أول ظهور لهذا الذكاء في الخمسينيات، واستُخدم هذا المصطلح للمرة الأولى خلال مؤتمر جامعة دارتمورث في عام 1956، واعتُمد مصطلح الذكاء الاصطناعي بشكل رسمي في خمسينيات القرن الماضي. ومنذ منتصف القرن الماضي وحتى الآن، ظهرت العديد من التطورات والابتكارات والنتائج التي غيرت معرفة الناس الأساسية بمجال الذكاء الاصطناعي.
في هذا المجال الحيوي والمهم جداً، رسخت الإمارات مكانتها مركزاً عالمياً رائداً في هذا المجال، مدفوعة برؤية استشرافية واستثمارات استراتيجية ضخمة، ومبادرات حكومية سبّاقة تعزز قدراتها التكنولوجية وتسرّع التحول الرقمي عبر القطاعات كافة.
دولة الإمارات، التي تيقّنت فعلاً لهذا التطور الكبير الذي سيشهده العالم عزمت حكومتها منذ عام 2017 على أن تلج هذا المجال بالتقنية والاستثمارات المالية واللوجستية والتشريعية، وكذلك التنظيمية عبر إنشاء أول وزارة في العالم تختص بهذا القطاع، فتشرف على تنظيمه وقوانينه، وتعزيز حضوره في العمل الحكومي.
وأتت هذه الوزارة استكمالاً لمبادرة الحكومة الذكية التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في شهر مايو من العام 2013، حيث جاءت استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي لتكون أول مشروع ضخم ضمن مئوية الإمارات 2071 التي تهدف إلى جعل دولة الإمارات أفضل دولة في العالم، لتتفوق على أكثر الدول تقدماً، بحيث تشمل مختلف قطاعات الحياة، مثل النقل والتعليم والطاقة والتكنولوجيا والفضاء.
المشهد المحلي للذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات يتميز بدعم حكومي قوي وشراكات استراتيجية ومعاهد أكاديمية وصناعة مزدهرة تمكّن الابتكار، وعلى الصعيد الدولي، تؤدي الإمارات دوراً مهماً في صياغة ملامح حوكمة الذكاء الاصطناعي وسياساته الدولية من خلال مساهمتها الاستباقية في منصات متعددة الأطراف، واستثمارات مليارية في هذا المجال، حيث يتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي في 14% من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بحلول عام 2030، أي ما يعادل 100 مليار دولار.
وبحسب عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد فإن دولة الإمارات، في طليعة الدول المعنية بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. وهي بكل ما تنتهجه وتستثمره على هذا الطريق فعلاً.
مقالات أخرى للكاتب



