عادي
بينها اضطرابات الجهاز العصبي والاكتئاب

الصيف موسم الأمراض الجسدية والنفسية

23:33 مساء
قراءة 5 دقائق

يؤثر ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف سلباً في الحالة الجسدية والنفسية للإنسان، إذ يتسبب التعرض المفرط لأشعة الشمس في العديد من المشكلات الصحية، ومن أبرزها ضربة الشمس والحروق، والشيخوخة المبكرة والتجاعيد وسرطان الجلد، بالإضافة إلى تغير الحالة المزاجية وتفاقم بعض الاضطرابات النفسية والاكتئاب الموسمي.

تقول د. نجلاء بارود أخصائية في الطب الباطني: إن ضربة الشمس تعتبر من الحالات الطبية الطارئة التي تحدث بسبب تداخل عوامل فسيولوجية ومرضية وبيئية، وينجم عنها فشل آليات تنظيم حرارة الجسم، عندما ترتفع إلى ما يزيد على 40 درجة مئوية، ويبدأ الشخص بالتعرق الشديد، ما يتسبب في فقدان كميات كبيرة من الماء والأملاح الضرورية، ويُصعّب عليه الحفاظ على درجة حرارته الطبيعية أو استقرار ضغط الدم.

2

وتضيف: تكون ضربة الشمس مصحوبة باضطرابات في الجهاز العصبي المركزي، بينها الارتباك، والتشوش الذهني، والتشنجات، أو فقدان الوعي، وتنقسم هذه الإصابة إلى نوعين، هما ضربة الشمس الناتجة عن المجهود البدني، وتصيب بشكل رئيسي الأشخاص الأصحّاء الذين يمارسون نشاطاً بدنياً مكثفاً في بيئات تتّسم بارتفاع درجات الحرارة والرطوبة. وضربة الشمس غير الناتجة عن المجهود البدني، وهي شائعة بشكل أكثر بين الفئات الأكثر عرضة للخطر، مثل كبار السن، والرضع، والأشخاص المصابين بحالات طبية مزمنة (مثل أمراض القلب والأوعية الدموية أو السكري). وغالباً ما تحدث نتيجة التعرّض المطول لدرجات حرارة مرتفعة، وهذا النوع من ضربات الشمس يمكن أن يتطور حتى دون بذل مجهود بدني.

توضح د.نجلاء بارود أن أغلب المصابين بضربة الشمس يعانون على الأغلب من الصداع، الدوار، الضعف العام، الغثيان، وربما يصل الأمر إلى فقدان الوعي في بعض الحالات، أما لدى كبار السن، فتكون الأعراض أقل وضوحاً، حيث يظهر عليهم الارتباك أو صعوبة في التركيز، ما يؤدي إلى تأخير الحصول على الرعاية الطبية اللازمة.

وتتابع: تعتمد مضاعفات ضربة الشمس على الحالة الصحية الأساسية للمريض، وتتفاوت في شدّتها من أعراض بسيطة إلى حالات مهددة للحياة، حيث يؤدي ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى جانب اضطراب الدورة الدموية إلى تلف في الأعضاء، وخاصة الدماغ والكليتين والكبد والقلب. وتشير إلى أن علاج ضربة الشمس يتم بإخراج المصاب من البيئة الحارة والتبريد السريع والفعال، من خلال غمر الجسم في الماء البارد، وتطبيق كمادات ثلجية على مناطق الأوعية الدموية الكبرى مثل الرقبة، وتحت الإبطين، ومنطقة الفخذ، كما يفيد التبريد بالتبخّر، من خلال رش الجلد بالماء البارد مع تهوية جيدة، واتخاذ الإجراءات الأولية، وعمل تقييم سريع لحالة مجرى الهواء، والدورة الدموية، ومستوى الوعي.

وتضيف: تعتمد الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف على تجنب التعرّض المباشر للحرارة، وخاصة في فترة الظهيرة، والحفاظ على ترطيب الجسم بشرب كميات كافية من الماء أو المشروبات غير المحلّاة والحد من الكافيين قدر الإمكان، والانتباه إلى العلامات التحذيرية المبكرة مثل الدوخة، والضعف العام، أو التعرق الشديد، ويُنصح أصحاب الأمراض مزمنة بإجراء فحوص طبية دورية ومراجعة مستمرة لأدويتهم، للكشف المبكر عن المخاطر المرتبطة بالحرارة والسيطرة عليها.

خطوط حمراء

تذكر د. ريحانة أحمد، أخصائية الأمراض الجلدية والتجميل، أن أشعة الشمس تؤثر بشكل سلبي في البشرة، وتتسبب في العديد من الأضرار الحادة التي تشمل الحروق، التسمير، التصبغ الذي يحدث خلال 5 إلى 10 أيام من التعرض للأشعة الضارة، أما الآثار المزمنة فتتمثل في الشيخوخة الضوئية (جفاف شديد في الجلد، فقدان المرونة، تصبغ متبقع، ترهل الوجه، بروز أخاديد الجلد، التجاعيد)، وتوسع الشعيرات الدموية التي تظهر على شكل خطوط حمراء أو أرجوانية دقيقة على سطح الجلد أو الغشاء المخاطي، فضلاً عن سرطان الجلد غير الميلانيني، وسرطان الخلايا القاعدية الأكثر شيوعاً، والورم الميلانيني الخبيث.

وتضيف: يؤدي أيضاً التعرض المفرط لأشعة الشمس الضارة إلى أمراض جلدية تحسسية، مثل: الطفح الضوئي متعدد الأشكال، النمش، الكلف، الحكة الشعاعية، الحزاز المسطح الشعاعي. وتؤكد على ضرورة العناية بالبشرة والحد من التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة، وتجنب الخروج من المنزل وقت الذروة خلال فصل الصيف، واختيار المنتجات التي تتناسب مع نوع البشرة وشرب كمية كافية من المياه للحصول على الترطيب اللازم، والعوامل البيئية بما فيها المناخ والتلوث.

ملابس واقية

تذكر د. أرشانا ميكا، أخصائية الأمراض الجلدية، أن التعرض المفرط لأشعة الشمس، يمكن أن يتسبب في حروق الجلد وبالتالي الشيخوخة المبكرة وظهور التجاعيد، والخطوط الدقيقة، وفرط التصبغ، ويُسرع التعرض من تحلل الكولاجين والإيلاستين، وفي الحالات الشديدة ترهل وسرطان الجلد.

وتتابع: تحتاج جميع أنواع البشرة إلى الحماية من الأشعة الضارة في فصل الصيف، ولذلك يجب أن يكون استخدام الكريمات الواقية من أشعة الشمس بشكل منتظم، وجعلها جزءاً من الروتين اليومي، وأن تكون واسعة الطيف بعامل حماية 30 على الأقل، ويتم وضعها قبل 15-30 دقيقة من الخروج، وإعادة وضعها كل ساعتين، أو بعد السباحة أو التعرق، كما يساهم الجلوس في الظل في الحد من الحروق، وتجنب أسرّة التسمير، وارتداء ملابس واقية وإكسسوارات مثل القبعات.

تبين د. أرشانا ميكا أن التعرض للحروق الناجمة عن أشعة الشمس الضارة يتطلب تبريد الجلد على الفور بكمادات باردة، ووضع جل الصبار أو المستحضرات الملطفة التي تحتوي على الآذريون أو البابونج لتقليل الالتهاب، واستعمال المنتجات التي تحتوي على الرتينويدات (مشتقات فيتامين أ) لتحفيز إنتاج الكولاجين والإيلاستين، كما تُساعد سيرومات فيتامين «ج» على تفتيح البشرة وتقليل التصبغات، ويُمكن للمرطبات اليومية التي تحتوي على حمض الهيالورونيك أن تُحسّن ترطيب البشرة ونضارتها.

وتضيف: يساهم استخدم علاجات موضعية تحتوي على النياسيناميد، أو حمض الكوجيك، أو حمض الأزيليك للتخلص من البقع الداكنة مع مرور الوقت، أما في حالات التصبغ العنيدة، فيجب استشارة الطبيب المختص، لخيارات التقنيات الحديثة مثل: التقشير الكيميائي، أو العلاج بالليزر، أو الوخز بالإبر الدقيقة، ومن الضروري تجنب التقشير، والحد من وضع المنتجات القاسية على البشرة المتضررة من الشمس حتى تلتئم، وأن يتضمن روتين العناية المرطبات والمنظفات الخالية من العطور، والتغذية الغنية بمضادات الأكسدة (فيتامين ه، ج، وبيتا كاروتين) لدعم إصلاح البشرة من الداخل.

تقلبات المزاج

تلفت أخصائية علم النفس السريري، آشا دولاب، إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف يمكن أن تؤدي إلى سرعة الغضب وتؤثر سلباً على تنظيم المشاعر، وتُسبب اختلالًا في النوم وترطيب الجسم والراحة النفسية، خاصة أن الجهاز العصبي سريع التأثر بالبيئة المحيطة، وهي كلها عوامل أساسية للتوازن العقلي.

1

وتضيف: تستهدف تقلبات المزاج الموسمية بعض الفئات بمعدل أعلى من غيرهم، ومن أبرزهم: الأطفال كونهم أقل تعبيراً عن انزعاجهم. فقد تظهر لديهم أعراض القلق أو نوبات الغضب أو التعلق عندما يكون كل ما يحتاجون إليه هو الظل أو إيقاع أبطأ أو روتين مستقر، ويعتبر كبار السن الأكثر حساسية للحرارة جسدياً، ما يؤثر على مزاجهم وإدراكهم، كما يبلغ الشعور بالوحدة ذروته في الصيف عندما يتغير نظام الأسرة، أما الذين لديهم بالفعل حالات صحة نفسية فهم يعانون من القلق أو الاكتئاب أو الصدمات النفسية باضطرابات نفسية متزايدة، ويمكن للحرارة والضوضاء واضطراب الإيقاع أن تُفاقم الفوضى الداخلية لديهم.

وتوضح آشا دولاب ان هناك بعض العلامات النفسية أو السلوكية التي تشير إلى التأثر السلبي للصحة النفسية بمناخ الصيف، من بينها: الانفعال السريع دون سبب واضح، اضطراب النوم والسهر لساعات طويلة، والصعوبة في الاسترخاء، الجمود العاطفي وليس الحزن، الانسحاب الاجتماعي، والإفراط في استخدام الشاشات، والهروب من التخيلات، الإفراط في القيام بالمهام، والتخطيط للرحلات، والسعي وراء السعادة، بالإضافة إلى المعاناة جسدياً من الصداع، التعب، ومشاكل في الجهاز الهضمي.

توصي آشا دولاب بمجموعة من الاستراتيجيات العملية التي تسهم في الحفاظ على التوازن العاطفي خلال فصل الصيف، خاصة مع الضغوط الإضافية، التي تتمثل في الحفاظ على نقاط ارتكاز وعادات إيجابية بسيطة ومتواصلة، والاهتمام بترطيب الجسم وأخذ قسط جيد من النوم والراحة، بجانب التوقف برهة خلال اليوم للاطمئنان على الحالة النفسية والمعنوية، وهذه طريقة بسيطة لكنها عميقة وفعالة لتنظيم الذات.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"