يلاحظ أن المراهقين ومن هم في سن الشباب، أو من هم عند أولى عتبات المستقبل، ليسوا بمعزل عن المرض النفسي، والذي كان التصور السابق أنه يحيط بالكبار، وهذا ما تحدثت عنه منظمة الصحة العالمية، حيث تقول: «على الصعيد العالمي، يعاني شخص واحد من كل سبعة أشخاص تراوح أعمارهم بين 10 أعوام و19 عاماً اضطراباً نفسياً، وهو ما يمثل نسبة 15% من العبء العالمي للمرض في هذه الفئة العمرية، وإن الاكتئاب والقلق والاضطرابات السلوكية من بين الأسباب الرئيسية المؤدية إلى المراضة والإعاقة في صفوف المراهقين».
السؤال: لماذا يعاني المراهقون القلق والتوتر وحالات من الاكتئاب، خاصة وهم في الطريق نحو الحياة؟ والحقيقة أن متطلبات المستقبل تزايدت وباتت جسيمة وكبيرة، فالحاجات الدراسية للتفوق والنجاح ارتفعت وباتت تشكل هاجساً مؤلماً وقوياً، ولا يمكن إنكارها، فالجامعات ارتفعت لديها شروط القبول، ثم سوق العمل بات شديد المنافسة، وهو لا يطلب شهادات وحسب، بل يطلب خبرات ومهارات، فضلاً عن مردود مادي متدن، في الجهة المقابلة أحلام الشباب واسعة وتطلعاتهم كبيرة، فتكون هناك صدمة بالغة من الواقع، ولا ننسى الإخفاق في العلاقات، والتي تكون ركناً أساسياً في تكوين وتفكير المراهقين والشباب، وتحدث بسببها صدمة أو عدة صدمات. وهناك حالات التنمر من الأقران، وضغوط اللحاق بما يشاهد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وزيادة التباين والفروق بين التصورات والتطلعات مع الواقع الفعلي لحياتهم. وهذه صدمة تنمو وتتزايد مع مرور الأيام، ويكون لها عبء ثقيل عليهم في المستقبل.
وكما تقول منظمة الصحة العالمية «تمتد عواقب عدم معالجة اعتلالات الصحة النفسية لدى المراهقين إلى مرحلة البلوغ، وهو ما يتسبب في ضعف الصحة البدنية والنفسية، على السواء، ويحد من فرص التمتع بحياة صحية سليمة في مرحلة البلوغ».
أمام مثل هذا الواقع، أتوجه نحو الأسرة، نحو كل من الأم والأب، وأعتبرهما مفتاح السعادة، وهما مكمن الأمان والسلامة النفسية لأطفالهم، فإذا وُجد في الأسرة أب وأم على درجة عالية من المهارة والحضور، فإنهما، دون شك، سيسهمان في تجاوز أبنائهما مثل هذه الصدمات، بل الصمود أمام كل التحديات.
ومع التقدير لدور مؤسسات المجتمع الأخرى، يبقى دور الأب والأم بالغ الأهمية في حياة أبنائهما، ويجب دعمه، ويجب على الأبوين فهمه ومعرفة أثره.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
مقالات أخرى للكاتب



