عادي
في محاضرة بمجلس محمد بن زايد شهدها سيف بن زايد

دان بويتنر يستعرض «أسرار طول العمر المفعم بالصحة»

06:51 صباحا
قراءة 6 دقائق

أبوظبي سلام أبوشهاب:

استضاف مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقصر البطين في أبوظبي، مساء أمس محاضرة بعنوان «المناطق الزرقاء وأسرار طول العمر المفعم بالصحة».

شهد المحاضرة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي لدى الدولة، حيث ألقى المحاضرة، دان بويتنر مكتشف المناطق الخمس في العالم أو ما يسمى ب«المناطق الزرقاء» التي يعيش فيها أطول البشر عمراً وأكثرهم صحة وسعادة.

في بداية المحاضرة، أعرب دان بويتنر عن اعتزازه بوجوده في مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لإلقاء محاضرة، وأضاف: إنني في الوقت ذاته أهنئ سموه على الحفاظ على تقاليد المجلس بعقد المحاضرات وجلسات الحوار المفيدة، مؤكداً أن مثل هذه المجالس تؤسس لحياة جيدة.

وأضاف: إنني أحسدكم في أبوظبي على الصوم الذي هو من هبات الإسلام، وعلى الحياة الاجتماعية والتواصل بين أفراد المجتمع، داعياً إلى التمسك بعادات وتقاليد الآباء والأجداد والاهتمام بالغذاء الصحي والتركيز على حياة تتضمن في تفاصيلها نشاطاً بدنياً وجسمانياً للحفاظ على الصحة العامة، مشيراً إلى أن السكان في المناطق التي يعيش فيها أطول البشر عمراً يركزون على الصوم والغذاء الصحي الغني بالخضراوات والفواكه والحبوب والتقليل من اللحوم، إلى جانب التركيز على التواصل الاجتماعي والاستفادة من تجارب الأجداد في إعداد الطعام الصحي.

وأكد المحاضر، أن البيئة في أبوظبي مواتية للحد من الأمراض غير المعدية باتباع السلوكات الغذائية والصحية، مشيراً إلى أن 65% من إجمالي الوفيات عالمياً بسبب الأمراض غير المعدية، وأن مكافحة الأمراض والقضاء عليها يساعد على وصول متوسط العمر إلى 92 عاماً.

وركز المحاضر على خمسة محاور، وهي البحث الذي مولته ناشيونال جيوغرافيك حول المناطق الزرقاء الخمس، والعمر المديد وأوهامه، وحكايات من المناطق التي يوجد فيها أطول البشر عمراً على مستوى العالم، والخصائص المشتركة لثقافات المناطق الزرقاء، والهام وتحدي الحضور حول ما يمكنهم تحقيقه لأنفسهم ولعائلاتهم ولدائرتهم الاجتماعية من أجل زيادة مستوى الصحة والسعادة.
ويرى دان بويتنر أن من أسرار طول العمر، ركوب الدراجات الهوائية بشكل منتظم مشيراً، إلى أنه قاد دراجة هوائية لمسافة 25 ألف كيلومتر من شمال أمريكا إلى جنوبها عبر الوديان والجبال.
وقال إنه لمعرفة السبيل إلى العمر المديد المفعم بالصحة، تمت دراسة «المناطق الزرقاء» وتعني المجتمعات التي يعيش المسنون فيها 10 إلى 12 عاماً زيادة على بقية المجتمعات مع تمتعهم بالصحة والنشاط وبأقل قدر ممكن من الأمراض المزمنة، مشيراً إلى أنه زار مع فريق البعثة الاستكشافية مجتمعات المناطق الزرقاء للتعرف إلى الأسباب الكامنة وراء تمتع أفرادها بحياة أطول، والغاية هي أنه إذا استطعنا محاكاة أو تغيير أنماط حياتنا وبيئاتنا على غرار ثقافات المناطق الزرقاء، فإننا سنستطيع إيجاد بيئات للعمل واللعب والعيش في مجتمعاتنا أكثر صحية مما هي عليه الآن.

وكشف عن أن الدراسات الدنماركية حول التوائم توصلت إلى أن نحو 80% من أسباب العمر المديد يعتمد على نمط العيش والبيئة، و20 % يعود إلى أسباب جينية وتوافر الرعاية الصحية الأساسية.

وأضاف: لأن نمط الحياة والعادات والبيئة تسهم في 80 % من طول العمر، فقد أردنا معرفة المناطق التي يمارس الناس فيها هذه المكونات الثلاثة على نحو صحيح، وبتمويل من منظمة ناشونال جيوغرافيك، استعنّا بخبرات أفضل علماء الإحصاء السكاني لإيجاد البيانات المطلوبة فتوصلنا إلى وجود خمس مناطق جغرافية يعيش فيها الناس عمراً أطول بصورة استثنائية، ومنذ عقود طويلة، والهدف من الدراسة هو العثور على الوصفة الحقيقية للعمر المديد من خلال الوقوف على أفضل أنماط الحياة والبيئات التي تسهم في طول العمر.
وأوضح أن مناطق العمر المديد الخمس هي: (أوكيناوا)، و (إيكاريا)، و(سردينيا )، وشبه جزيرة (نيكويا) في كوستاريكا ومدينة (لوما ليندا) شرق لوس انجلوس في كاليفورنيا، ولاسيما طائفة «السبتيين» البروتستانتية في (لوما ليندا)، ووجد أن في منطقة سردينيا نحو 4 قرى يعيش فيها 40 ألف نسمة لديهم أعلى نسبة في العمر المديد.

خصائص القوة التسع

قال دان بويتنر إننا نجد دائماً وحيثما ذهبنا الخصائص نفسها بين شعوب العالم التي تعيش حياة أطول، لذا سنطلق على هذه الخصائص اسم «خصائص القوة التسع»، وهذه الخصائص المشتركة هي: الحركة بصورة طبيعية، فالناس في هذه المناطق الزرقاء لا يركضون ماراثونات ولا يمارسون اليوغا «الحارّة» بل يتحركون بصورة طبيعية طوال اليوم، مثل المشي والعناية بالحديقة وتقطيع الأخشاب، كما أنهم يستيقظون من النوم وهم يعرفون هدفهم ويمكنهم أن يلخصوه لنا في عبارة واضحة تعبّر عن رسالتهم الشخصية في الحياة، وفي كل يوم يلقون بالتوتر جانباً ويعيشون حياة بسيطة، من خلال التأمل أو أخذ قيلولة أو التنزه في الطبيعة، كما يحرص معمرو هذه المناطق على تناول الطعام بحكمة، فهم يأكلون كميات قليلة ولا يتناولون الأغذية المعالجة، وبشكل أساسي يتوقفون عن الطعام عندما يشعرون بالشبع بنسبة 80% تقريباً، ومعظم الأطعمة التي يتناولونها أطعمة نباتية مثل الخضار والحبوب والفاكهة، ولكنهم ليسوا نباتيين تماماً فهم يتناولون اللحوم 3 مرات في الشهر غالباً ما تكون خلال العطل والاحتفالات، ولديهم حسّ بالانتماء، فهم يقضون وقتاً أطول مع من يحبون ولكن ليس على «فيس بوك» أو «تويتر» أو عبر الرسائل النصية القصيرة، بل وجهاً لوجه، كما يتمتعون بإيمان قوي ويمارسون شعائرهم الدينية، وجميع المعمرين الذين التقيناهم، باستثناء قلة قليلة، ينتمون إلى فئة اجتماعية مؤمنة، كما يولي هؤلاء المعمرون أهمية كبيرة للعائلة والأحباء أيضاً، ويبقون قريبين من أبويهم المسنين، ويعيشون علاقات زواج صحية.

اتخاذ 150 قراراً تتعلق بالصحة يومياً

قال دان بويتنر إن نسبة الخرف في المناطق الزرقاء تصل إلى نحو 2% بين الكبار في السن بينما تصل في المجتمعات الأخرى أحياناً إلى 50% بين الفئة العمرية التي تزيد على 80 عاماً.

وتساءل كيف ،إذاً، يمكننا خلق مثل هذه البيئات في منازلنا ومجتمعاتنا؟
وقال أظهرت دراستنا أن معظم الناس يقضون 80 % من حياتهم ضمن مساحة 20 ميلاً من منازلهم، لذا يركز برنامجنا على هذه البيئة القريبة، مؤكدًا أن السياسات تأتي في المقام الأول، فعندما يغيّر المجتمع سياساته لتصبح أكثر تركيزاً على الصحة فهو يخلق تأثيراً مهماً طويل الأمد في المجتمع، ورغم أن إحراز تقدم في تغيير السياسات قد يستغرق زمناً طويلاً أحياناً إلا أنه من أقل الإجراءات تكلفة. ثانياً تأتي البيئة العمرانية، بمعنى هل يوجد طرق وحدائق ومماشٍ تسهّل على الناس المشي داخل المدينة.
وأضاف: في المناطق الزرقاء، الأصدقاء لهم أهمية خاصة، وقد أظهرت دراسة «فرامنغهام» أن السمنة والتدخين والسعادة والكآبة تنتشر من شخص إلى آخر عبر الشبكات الاجتماعية، تماماً مثلما تنتقل الفيروسات عند انتشار الأوبئة.
وقال: لأننا نعلم أن الشبكات الاجتماعية معدية فإننا نسعى إلى تحقيق التواصل بين الأشخاص الذين يشتركون في الميول والأفكار ممن يريدون تغيير أو توسيع شبكاتهم مع إضافة الخيارات الصحية إليها.
وأضاف: نحن كأفراد نتخذ أكثر من 150 قراراً يتعلق بالصحة يومياً، لذا لا بد لنا من اختيار الخيارات الصحية التي تكون في متناولنا دائماً ويسهل علينا اتخاذها.
كما ترون، لا يوجد حلّ واحد لتحسين الصحة والرفاهية، لكن هذا النموذج المنظّم يركز على أهم جوانب البيئة بحيث يأتي الخيار الصحي تلقائياً وعلى نحو طبيعي.

الغذاء الصحي

أوضح دان بويتنر أن نسبة من السكان على الصعيد العالمي تمضي 2 إلى 3 سنوات في وضع المرض قبل الوفاة، بينما وجد السكان في منطقة اوكيناوا إحدى المناطق الزرقاء الخمس يعيشون لفترة اطول من دون أن يصابوا بالأمراض، ولديهم أدنى معدلات الإصابة بأمراض القلب، ولا يصابون بأمراض السكري نظراً لأنهم يركزوا في طعامهم على الخضار، ولديهم 25 نوعاً من العادات التي تمنع الشراهة في أكل الطعام، لذلك نجد أن إجمالي الإنفاق على الخدمات الصحية قليل نظراً لمكافحة الأمراض قبل حدوثها باتباع سلوكات صحية وسليمة.

وقال: وجد أيضاً في منطقة لوما ليندا شرق لوس انجلوس التي تعتبر من المناطق الزرقاء أن السكان متدينين، ويحرصون على الصيام وعلى السير في الطبيعة وعلى الترابط العائلي وعلى الأكل الصحي ويعيشون حياة وفق ما جاء في التوارة، ومطابق لما ورد في القرآن الكريم، ما يؤكد أهمية الغذاء الصحي والتركيز على الخضروات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"