وادي القور شريان يصل الحاضر بالماضي

وجهة سياحية تأسر السياح
13:01 مساء
قراءة 3 دقائق

على طول الطريق المؤدي إلى حتا التابعة لإمارة دبي، تجد على الجانبين الأودية والتلال ومحال السجاد والفخار والتراثيات التي اشتهرت بها المنطقة وتهافت عليها السياح، حتى تصل إلى وادي القور، وهو من أهم الأودية المتجهة إلى خليج عمان . ويرفد الوادي من اليسار وادي المنيعى الذي يقع مجراه الأعلى وجزء من الأوسط ضمن أراضي الإمارات في منطقة مصفوت، آخر مناطق الدولة من الجهة الجنوبية .

يبعد وادي القور 145 كم عن مركز إمارة رأس الخيمة، ويتميز بوقوعه بين سلسلة جبلية متنوعة تكثر فيها الأودية والانحدارات الرأسية التي تكشف عن لمعان مياه بعض العيون التي تنبثق من بين الشقوق ومفاصل الطبقات الصخرية الحاملة للماء إلى بساتين وأشجار النخيل المحروسة بأسوار حجرية شيدت منذ مئات السنين، وبني سد مؤخراً لجمع مياه الأمطار التي تصل إلى 85000 متر مكعب في هذه المنطقة وبارتفاع 3،60 متر، للاستفادة منها في تحسن نوعية المياه الجوفية، وري الأراضي الزراعية على فترات زمنية طويلة .

يرسم وادي القور لزائريه ملامح خلابة تأسر الناظر بصورة نصف حكايتها من الماضي والنصف الآخر من الحاضر، إذ تكشف ظلال الأودية منازل بنُيت في ثمانينات القرن الماضي، امتزجت بعراقتها مع فلل ومبان حديثة وطرق معبدة .

على جانب الوادي، يستأثر برج نصلة بموقع فوق مرتفع جبلي، لأنه كان يتخذ موقع دفاع عن الحدود الشرقية وبناه المغفور له بإذن الله الشيخ سالم بن سلطان القاسمي سنة 1874 . وهناك حصن نصله فوق مرتفع جبلي آخر لحماية الطرق المؤدية إلى المنطقة وبناه محمد بن عبدالله، وهو من أعيان المنطقة في زمن المرحوم الشيخ سالم بن سلطان القاسمي سنة 1875 يعمل معظم أهل المنطقة في الزراعة وتربية الحيوانات .

ويقول علي عبدالله خميس، من أهالي وادي القور: تتجاوز وديان وادي القور 10 وديان ما بين رئيسية وفرعية، يصب في معظمها السواقي ومياه التلال . وعن سبب تسميته بهذا الاسم قال: كان يطلق عليه قديماً اسم وادي بوفراي لوقوعه في بطن جبل بوفراي، ولكن تغير اسمه بعد أن انبثقت منه عدة وديان جعلته الرافد الرئيسي لحياه المنطقة . ويشير إلى أن الوادي يسكنه ما يقارب 700 شخص يعمل معظمهم في الزراعة، بينما أكثر شبابها يشغل وظائف في المنطقة أو في الإمارات المجاورة، مؤكداً أن الوادي اكتسب شعبية كبرى خلال السنوات الماضية، بعد اهتمام الدولة بالمنطقة ومد مختلف الخدمات الصحية والتعليمية والإنشائية لها، فتحولت إلى وجهة سياحية يستجم المسافر بواحاتها، ويستأنس بها المقيم ويرتاح في ربوعها السياح .

وقال علي محمد الدهماني من أهالي المنطقة: الوادي يحتضن ويجمع الإرث التاريخي مع طبيعة الشلالات والمزارع المنثورة على يمينه وشماله، الذي يبدأ من جبل بوفراي ويمر بالعديد من الجبال والوديان الصغيرة على مسافة 8 كم مثل، وادي الحويلات، ورافاق، والشغفة، وبتراث وادي سيح المهب، وصولاً إلى آخر الطريق، حيث يقع برج وحصن نصلة .

عبدالله الشيبة، من سكان الوادي، قال: بدأ وادي القور والوديان الواقعة في محيطه تزداد غنى في مزارعها ومياهها الباطنية بفعل أمطار الخير التي سقطت أخيراً ولم نشهد لها مثيلاً منذ سنوات طويلة، إذ سجلت أودية القور والمنيعي والعجيلي والحويلات أكبر نسبة أمطار في المنطقة بدت واضحة للزائر من خلال امتلاء السدود حيث رسمت المياه لوحات فنية جميلة . ويلفت إلى بعض التصرفات غير المسؤولة لبعض الزائرين الذين يعكرون صفو أهل المنطقة، لاقترابهم من الوديان أثناء السيول للسباحة أو لتصوير المياه المتدفقة من بين التلال والصخور، متجاهلين كل تعليمات فرق الإنقاذ واللوحات التعليمية بعدم الاقتراب من الوديان، خاصة خلال هذه الفترة التي تشهد تقلبات في حالة الطقس وما يصاحبها من رياح وأمطار تؤدي إلى حدوث تيارات مائية قوية يصعب على الشخص السيطرة على نفسه فيها ما قد يؤدي إلى وقوع حالات غرق .

ويقول صقر راشد: من ينظر إلى الوادي من فوق التلال يأسره بمشهد طبيعته الخضراء والمياه المتدفقة شلالات من جنبات وديانها المجاورة ومنازلها الحديثة المعلقة على قمم الجبال وكأنها لوحة زاهية، كما أن ازدياد الوديان الصغيرة في قلب وادي القور زاد من جمال وخصوبة الأرض . ويشير إلى أن الوادي يملك مقومات سياحية فريدة ومتنوعة، ففيه تنوع حيواني ونباتي مميز، إلى جانب المنازل القديمة والقلاع والحصون الأثرية، لافتاً إلى أهمية الجهود التي بذلتها الدولة لتوصيل الخدمات إلى المنطقة مثل المدارس والمراكز الصحية، ومركز الدفاع المدني، والسدود، والفنادق التي أسهمت بدورها في تنشيط السياحة، فشدت المقيمين الباحثين عن نقاء الهواء الطلق وصفاء الوجدان وراحة القلب بعيداً عن ضوضاء المدينة للسكن فيها، كما هفت قلوب وأفئدة السياح الباحثين عن الاسترخاء والاستجمام بمناظرها الخضراء الطبيعية الخلابة ومياهها الجارية في الوديان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"