القمة الاقتصادية العربية بين القرارات والتطبيق

04:47 صباحا
قراءة دقيقتين

بدّدت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية أوهام الربح المالي السريع، وتعاظُم رأس المال من خلال الاقتصاد الريعي . بعبارة أخرى، عاد الاقتصاد الإنتاجي إلى صدارة الاهتمام العالمي، بالتزامن مع دعوة الدولة إلى ممارسة الشفافية في الواردات والنفقات، وإلى عدم التهاون في تطبيق القانون وحماية الانتظام العام . وها هي القمة العربية الاقتصادية الثالثة، التي انعقدت في الرياض، تعود إلى المطالبة بتشجيع الاستثمارات بين الدول العربية، والحدّ من الاستيراد الخارجي لتأمين الحاجات الداخلية بما فيها الغذاء .

إلى ذلك، طالبت القمة من جديد باستكمال إجراءات المنطقة التجارية العربية الحرة، وزيادة رأسمال المؤسسات العربية المالية .

ويبقى السؤال: كيف تسهّل الحكومات تشجيع الاستثمار مع ما يستلزم من حرية انتقال رؤوس الأموال والإمكانات المادية والبشرية؟

قد تكون الإجابة عن هذا السؤال مرتبطة بسؤال أكبر: كيف نحقّق التعاون الاقتصادي المنشود بين نظم سياسية واقتصادية متباينة؟

ربما يختصر هذان السؤالان جوهر مشكلة التنمية العربية، وصار من الضرورة بمكان تحمّل المسؤولية الحكومية الرسمية، كيف لا والثورات العربية تنتشر في بلاد العرب طلباً للحرية والعدالة؟ وكيف تتحقق العدالة مع الفقر، ومع وجود تفاوت رهيب بين قطاع فقير وقطاع غني؟

ثمّة رهان كبير على دور رجال الأعمال والقطاع الخاص في هذه العملية، وهذا أمر صحيح إذا ما توفّرت ظروف ملائمة، أهمها: تطبيق القانون، ومواجهة ظواهر الفساد في الإدارة المالية، واعتماد الرقابة والشفافية في الإدارة بصورة عامة . أليست هذه الشفافية مطلباً عالمياً في عصرنا؟

إلى ذلك، لا بد من شجاعة سياسية في معالجة الشؤون العربية المشتركة، كأن يجري الفصل بين استمرارية مشاريع التنمية والأزمات السياسية الطارئة . فالتنمية مشروع مستمر يتّصف بالديمومة، والنزاع السياسي من شأنه الإضرار بمصالح الشعب إذا ما أوقف عجلة التنمية، وقاد إلى الخسائر المالية والاقتصادية . وكيف إذا وقعت الحروب الأهلية وتعطلت مؤسسات الدولة؟

بعبارة أخرى، التنمية الاقتصادية والاجتماعية عملية شاملة تطاول حاجات الناس ومستقبلهم، ولا يجوز إخضاعها للتنازع الرسمي مهما كانت الدواعي والأسباب .

يبقى التعليم والقضاء على الفقر من أولى أولويات التنمية المستدامة، كما تؤكد دراسات المنظمات الدولية، وكما تؤيدها في ذلك البحوث والدراسات الجامعية الرصينة . فهل تنحو قرارات القمة الاقتصادية العربية هذا المنحى؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"