مجموعة “بريكس” وتعدّد الأقطاب الفاعلين

03:15 صباحا
قراءة دقيقتين

حملت نتائج قمة مجموعة بريكس في جنوب إفريقيا مجموعة قضايا استراتيجية على الصعيد الدولي، من شأنها التأثير في مسار النظام العالمي والأطر الإقليمية المرتبطة به . أهمها التخطيط لإنشاء مصرف إنمائي لدول المجموعة، وهي: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب إفريقيا .

إن هذا المصرف الذي سيبدأ برأسمالٍ قدره خمسون مليار دولار، والمُخصّص لتلبية الحاجات الذاتية للدول الخمس في البنى التحتية، من شأنه تحقيق نوع من التوازن مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين أسّسا بُعيد الحرب العالمية الثانية لمساعدة الدول الخارجة من هذه الحرب كي تحقق نموّها، ولمساعدة الدول الأخرى في الإعمار والتنمية . إنه توازن بين القوى الناهضة الجديدة، والمؤثرة في مجموعة العشرين الدولية، وبين دول الغرب الأوروبي والأمريكي .

صحيح أن مجموعة بريكس تستحوذ على 18% فقط من الاقتصاد العالمي، و15% فقط من إجمالي التجارة العالمية، بيد أنها في حالة نمو متصاعد، وهي أقل تأثراً بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي بدأت في عام ،2007 التي ضربت الولايات المتحدة أولاً، ثم عدداً من الدول الغربية ودولاً عدة في هذا العالم . إنها مجموعة نصف سكان العالم، وتشكل سوقاً واسعة للتجارة الدولية .

ليس بالضرورة أن تشكل خطوة المصرف الإنمائي المُزمَع إنشاؤه تحدياً مباشراً للدول الغربية، أو غيرها . ولكنها تعكس مدى تعدّد قوى وأقطاب النظام العالمي الذي لم يعد يسير بقيادة قوة عظمى واحدة .

ومن مراجعة أبرز المواقف السياسية والاقتصادية ذات الأثر الاستراتيجي في السياسة الدولية، نجد جملة مواقف جديرة بالملاحظة أهمها:

1- مواجهة التداعيات السلبية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية، مع محاولة ردم الهوة بين دول المجموعة فيما يتعلق بالعلاقات التجارية ومعدلات التنمية المستدامة .

2- تأكيد الغايات السلمية للطاقة النووية في إيران، واعتماد الحل التفاوضي للأزمة النووية الإيرانية، مع ما يحمل هذا الموقف من استبعاد اعتماد الخيار العسكري نحو طهران .

3- رفض عسكرة الأزمة في سوريا، ورفض انتهاكات حقوق الإنسان في هذه الدولة، ومناشدة أطراف الأزمة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى الداخل السوري . مع تأكيد تبنّي اتفاق جنيف الروسي - الأمريكي في إطار الحل المنشود .

ربما يلاحظ المنتقدون لصعود هذه المجموعة الدولية منذ عام 2006 كيف أنها تحاول التوفيق بين أطرافها على تعدّد مصالحهم وأهدافهم، وهي ماتزال في طور التأسيس . بيد أن المشهد الدولي العام يتجه منذ سنوات إلى تعدّدية قطبية، أو تعدّدية عالمية لقوى دولية ذات طابع حكومي وغير حكومي في آن . وفي مجمل الأحول لا يستطيع الغرب الأمريكي ولا الغرب الأوروبي ادّعاء أحادية قيادة النظام العالمي الذي تكتنفه الفوضى والتحولات الكبرى .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"