حتى نتجنب حرباً إقليمية

04:23 صباحا
قراءة 3 دقائق

لماذا أعطى بعض المحللين لأنفسهم الحق في إبداء معارضتهم لما اتخذته السلطات السعودية من إجراءات عسكرية لحماية حدودها وأمنها، ولمنع المتسللين من شن هجمات وحرب عصابات داخل أراضيها.

لقد كانت السعودية على حق تماماً في ما اتخذته من إجراءات، خاصة أن القانون الدولي يكفل لأي دولة ذات سيادة تبني مثل هذه الإجراءات وأكثر منها. فتواجد متمردين على أرضها يعتبر انتهاكاً للسيادة، يعطي الدولة السعودية كامل الحق في اتخاذ ما يلزم من تدابير للحد من امتداد التمرد الحوثي إلى السعودية، ولإحكام السيطرة على كل المواقع الحدودية التي يحاول المتسللون الحوثيون استغلالها للدخول إلى الأراضي السعودية وشن هجمات ضد أراضيها ومواطنيها.

لقد أدركنا جميعاً الآن بعد امتداد التمرد الحوثي إلى الأراضي السعودية، أن الخلاف ليس بين السلطات اليمنية والمتمردين الحوثيين كما يدعي الطرف الأخير في بياناته. لأنه لو كان ذلك حقا، لما نشط الحوثيون عملياتهم في السعودية، ولاكتفوا بحرب العصابات في الأراضي اليمنية تحت ذريعة إهمال العاصمة صنعاء لهم ولمشاكلهم وعدم الاستجابة لمطالبهم وإقامة مشاريع بنية تحتية فى مناطقهم واقتسام الثروة والسلطة بالعدل بين المناطق اليمنية.

دعونا لا نتبنى الفكر التآمري الذي يقول إن نشر حالة التوتر والنزاع إلى دولة مجاورة، إنما يأتي لتوسيع نطاق الحرب، من حرب عصابات إلى حرب إقليمية تشمل عدة دول. ولكن الموقف الحالي يدل على تجذر أو تأصل فكرة الحرب لدى هؤلاء رغبة فى نشر مشكلتهم والاستحواذ على قدر كبير من التغطية الإعلامية وخاصة العالمية منها، بعد أن خفتت هذه التغطية واعتبرت أن ما يجري في اليمن حالة خاصة لا تستدعي استنفاراً إعلامياً دولياً. ولكن هذا لا يعني أن الحوثيين يعملون من فراغ، ويجب عدم استبعاد أجندة خارجية يعملون في إطارها وينفذون دورهم فيها، ولكن دعونا من فكرة الحرب الإقليمية.

وفكرة الحرب الإقليمية التي يروج لها البعض ويتمناها، لا يمكن تصورها، لأن الحرب الإقليمية تندلع بين طرفين على الأقل وربما أكثر. ثم إن الحرب الحقيقية تقوم على أساس الخطط العسكرية والتسلح الكثيف والحديث أيضاً. أما في الحالة الموجودة الآن، فهي أقل من حرب، وربما تنطبق عليها معركة أو مواجهات مسلحة أو حتى اشتباكات. وما يحدث من جانب الحوثيين لا يعدو كونه محاولة خرقاء للاعتداء على حدود دولة مجاورة، ثم رد هذه الدولة السعودية لحماية حدودها، ووضع حد لمثل هذه الاختراقات التي لا تنال سوى من الحوثيين أنفسهم.

لقد حاول الحوثيون اقحام السعودية في مشاكلهم المحلية داخل اليمن بعد دخولهم أراضيها، خاصة بعد أن تراجعت التغطية الإعلامية العالمية لما يجري، كما سبق وذكرنا. وأرادوا باقحامهم السعودية، العودة مرة أخرى لواجهة هذا الإعلام، في محاولة منهم لنشر أفكارهم والترويج لقضيتهم.

إجمالاً، نعلم أن القوة ليست في استخدام السلاح، وإنما في الاعتراف بالمشكلة، حتى يبدأ الحل، وحتى لا تزداد الأمور سوءا بأن يستقطب الحوثيون مثلاً معهم بقية أطراف المعارضة اليمنية، بدليل أن حكومة صنعاء اتهمت المعارضة الجنوبية بتأييد مطالب الحوثيين والوقوف إلى جانبهم، وهذا أمر خطير، لأن جبهة النزاع سوف تمتد إلى كافة ربوع اليمن بشماله وجنوبه. وهو أمر ينذر بالخطر ويعرض أمن المنطقة بالكامل للمخاطر.

وهنا فقط، قد يتم التخلي عن الحذر في التحليل السياسي، ليقترب الموقف أكثر إلى توسيع نطاق الحرب، بما يقود إلى اشتعال منطقة البحر الأحمر بالكامل ويؤثر في الحركة الملاحية فيه. وهذا ما تسعى إليه بعض الأطراف الخارجية المتحفزة للتدخل بشكل أو بآخر لمناصرة المتمردين.

كاتب بحريني

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"